النهروان وهم مسلمون فقتلهم عن آخرهم.
فقال له ابن عباس : أعليّ أعلم عندك أم أنا؟
فقال : لو كان عليّ أعلم عندي منك لما سألتك.
قال سعيد بن المسيب : فغضب ابن عباس حتّى اشتدّ غضبه ثمّ قال : ثكلتك أمّك ، عليّ علّمني ، وكان علمه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ورسول الله علّمه الله من فوق عرشه ، فعلم النبيّ من الله وعلم عليّ من النبيّ. وعلمي من علم عليّ ، وعلم أصحاب محمّد كلّهم في علم عليّ كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر ) (١).
وبهذا علّمنا ابن عبّاس رحمة الله كيف يجب أن نرعى حق مَن علّمنا ، ونعترف بفضله علينا ، ونشيد بذكره شكراً ، ولا نبخس حقّه في الرواية عنه ذكراً. ولا نكون ممّن يحملهم الحسد على كفران النعم ، ممّن أنعم عليهم بالقلم ، وما أكثر هؤلاء في كلّ زمان ومكان.
وابن عباس في قوله الآنف الذكر لم يتجاوز ما رسمه له الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وهو معلّمه ومربيه بقوله له : ( إنّ حقّ معلّمك عليك التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الإستماع والإقبال عليه ، وأن لا ترفع صوتك عليه ، ولا تجيب أحداً يسأله حتّى يكون هو المجيب له ، ولا تحدّث في مجلسه أحداً ، ولا تغتاب عنده أحداً ، وأن تدفع عنه إذا ذكر بسوء ، وأن
____________________
(١) أمالي الطوسي ١ / ١١ ط النعمان ، ص٧ ط حجرية ١٣١٣ هـ ، بحار الأنوار ٨ / ٤٦٥ ط حجرية.