وهذا البيان الخليفي القاضي بسدّ باب الحديث ، والتأكيد على مقولة ( حسبنا كتاب الله ) التي سبق أن قالها عمر يوم حديث الكتف والدواة ، وقد مرّ ذكره مفصلاً في الحلقة الأولى ، فراجع.
فهذا البيان يرتبط سياسياً بإلغاء دور الحديث وأهله ، ولعلّه من باب سدّ الذرائع لئلا يحدّث الصحابة بما سمعوه من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في حق أهل بيته ، وهذا ما لا تريده سياسة الوقت ، ما دام عرش الخلافة بعدُ في مهبّ الريح ، فالمدينة تغلي مراجلها من المعارضة ، وخارج المدينة انتفاضة عارمة ، أعلنت في حينها باسم الردة ، وقد كانت ثمّة ردّة.
لذلك بادر ابن عباس وهو الألمعي إلى الذهاب نحو الأنصار في دورهم ليسألهم عما سمعوه ووعوه من الحديث النبوي الشريف قبل أن يُنسى أو يتناساه من يماليء السلطة.
فلنقرأ بعض النصوص في هذا الخصوص ، نستفيد منها الأسباب والدوافع التي حدت بابن عباس لأن يتتبع الحديث النبوي الشريف عند الصحابة والأنصار منهم خاصة ، وماذا كانت النتائج لذلك الجهد وتلك المخاطرة في مخالفة السلطة.
روى ابن سعد في ( الطبقات ) بسنده : ( عن عكرمة عن ابن عباس قال : لمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلت لرجل من الأنصار : هلّم فلنسأل أصحاب رسول الله فإنّهم اليوم كثير.
قال : فقال واعجباً لك يابن عباس أترى الناس يفتقرون إليك وفي