من أولئك النوادر في حفظه وذكائه فكذلك كان أيضاً في سماعه وانتقائه. فيتفحّص ويمحّص ، ويتأكد من صحة الحديث ، حتّى كان من شدّة احتياطه في ذلك ، كما أخرج عنه الخطيب .. الخ.
وأخرج ابن سعد أيضاً عن ابن عباس يقول : ( ما حدّثني أحد قط حديثاً فاستفهمته ) (١).
ولكنه للتوثيق قد يسأل الجماعة عن الأمر الواحد ، فقد أخرج الخطيب في كتاب ( الفقيه والمتفقه ) ، والذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) ، عن ابن عباس قال : ( إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ) (٢).
وروى ابن سعد في ( الطبقات ) ، والخطيب في ( الفقيه والمتفقه ) ، والبلاذري في ( أنساب الأشراف ) ، وابن قتيبة في ( عيون الأخبار ) ، والذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) ، عن ابن عباس قال : ( وجدت عامّة علم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الحي من الأنصار ، إن كنت لآتي الرجل منهم فيقال هو نائم ، فلو شئت أن يوقظ لي فأدعه حتّى يخرج لأستطيب بذلك قلبه ) (٣).
قال سفيان بن عيينة ، حدّثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن عجوز لهم قالت : رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس الأنصاري وكان يروي هذه الأبيات :
____________________
(١) الطبقات ٢ / ق ٢ / ١٢٣.
(٢) الفقيه والمتفقه ٢ / ٢٠٣ نشر دار إحياء السنة ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٤٧ ط دار الفكر.
(٣) الطبقات ٢ / ق ٢ / ١٢١ ، الفقيه والمتفقه ٢ / ١٤٢ ، أنساب الأشراف ٣ / ٣٤ ، عيون الأخبار ٢ / ١٢٢ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٤٧.