وهكذا تبقى الشواهد تتلو الشواهد على أنّ ابن عباس لم يكن يخلط الزين بالشين ولا ممّن يجمع الغث مع السمين في حديثه ، فهو كما كان
____________________
العقرب ، وهما يقترنان في كل عشرين سنة مرّة إلى أن تستوفي المثلثة بروجها في ستين سنة ، فكان ابتداء العشرين الأولى المولد النبوي في القران المذكور ، وعند تمام العشرين الثانية ابتداء مجيء جبريل بالوحي ، وعند تمام الثالثة فتح خيبر وعمرة القضية التي جرّت فتح مكة وظهور الإسلام ، وفي تلك الأيام رأى هرقل ما رأى ).
وعلى ذلك يصدق علماء الإسلام والتنجيم ـ رغم عدم صدقه وواجب تكذيبه ـ طالما أنه يخدم ـ في ظنهم ـ قضيتهم!
٦ ـ جاء في النص ( ٢٧٨٢ ) على لسان هرقل قوله : ( ... التمسوا لي ها هنا أحداً من قومه ـ أي محمد ـ لأسألهم عن رسول الله عليهالسلام ).
فهل كان هرقل سيد العالم المسيحي ، وقيصر بيزنطة يعتقد أن محمداً رسول الله ونبي من عنده؟! والصواب أن هذا الكلام جعله راوي النص أو رواته على لسان هرقل الذي لا يعقل أبداً أن يقوله. كما فعل سهيل بن عمرو موفد أهل مكة إلى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والذي عقد معه صلح الحديبية الشهير ، حيث رفض أن يكتب في وثيقة الصلح : محمد رسول الله ، وقال له : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك الخ .. فكيف بهرقل ينطق بتلك الكلمة! وفي ذات النص دليل على ذلك ، فمرة يقول هرقل : ( إني سائل هذا الرجل ). فهرقل إذا لا يعتقد أبداً أنه رسول الله ، بل هو رجل يزعم أنه نبي ، وتلك الألفاظ من زيادات الرواة المسلمين.
وقد يزعم البعض أن هرقل كان قد آمن سراً ، فإذا كان كذلك فلم ظل يقاتل ويجيش الجيوش ضد محمد ومن تلاه من الخلفاء في معارك كثيرة وكبيرة ، من تبوك إلى مؤتة إلى اليرموك فدمشق فأجنادين الخ ... حتى أجلوه عن بلاد الشام؟!!
والحقيقة أننا يجب أن نرتاب في هذا النص ، كما نشك في صدق إسلام أبي سفيان وهو الذي قال لعثمان حين بويع بالخلافة تلقفوها يابني أمية تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من عذاب ولا حساب ما من جنة ولا نار ولا بعث ولا قيامة. الحلقة الأولى ج٢ / ١٥٠.
ملاحظة : ليعذرني القارئ لكوني لم أسجل النصوص المدروسة ، وذلك لطولها فليراجعها في مكانها.