الباقين كانت أطول زماناً وأكثر تعاطياً ، وللتحقيق من صحة ما قاله ابن حجر في عدّ أبي بكر في جملة من روى عنهم ابن عباس ، راجعنا مسند أحمد بن حنبل وهو أكبر المسانيد حجماً وأوسعها جمعاً ، وقد ابتدأ أحمد كتابه بمسند أبي بكر ، ولدى ملاحظة ما ذكر ، وجدناه ذكر ( ٨١ ) رقما تحت العنوان المذكور لم يسلم منها له إلاّ ( ٤٩ ) رقماً بما فيها من المكررات التي أسقطت أكثر من الربع في الحساب ، ومع هذا كلّه فلم نجد حديثاً واحداً لابن عباس رواه عن أبي بكر ، فكيف بقول ابن حجر في ذلك؟!
ولزيادة الإطمئنان راجعنا ( المعجم الكبير ) للطبراني (١) تحت عنوان ( وممّا أسند أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فساق خمسة أحاديث فقط ، ولم يسلم له منها إلاّ خامسها ، والباقي ليست بأحاديث مسندة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فكان ذلك مثار العجب!!
وعدت ثالثة أتحرّى بعض كتب الأطراف أستهدي بها إلى رواية ابن عباس عن أبي بكر فراجعت ( ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأحاديث ) للنابلسي ، فكان ما ذكره لأبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ( ٥٧ ) حديثاً مبثوثة في الصحاح وليس بينها حديث واحد رواه ابن عباس عنه ، فدبّ اليأس من العثور على رواية لابن عباس عن أبي بكر ، فتركت البحث إذ لا كبير فائدة فيه ، وأحسب أن ابن حجر إنّما ذكر
____________________
(١) المعجم الكبير ١ / ٦٢ ط الموصل.