وقد وجدت في هاتين الدراستين جهداً مذكوراً ومشكوراً بذله الكاتبان ، إلاّ أنّ موجة الرواسب الموروثة بدت طاغية فغطّت على الحقائق التاريخية ، حتّى ولو على حساب ابن عباس ( صاحب التفسير ) فكان منها عدّ عمر بن الخطاب من شيوخ ابن عباس في التفسير (؟).
فعجبتُ من ذلك! لأنّي قرأت تاريخ الرجلين بإمعان وانتهيت إلى أنّ الشواهد الكثيرة لا تدلّ على ذلك ، بل لقد دلّت على رجوع عمر إلى ابن عباس في كثير من الأحيان ، وذكرتُ جملة منها فيما مرّ في الحلقة الأولى ( في عهد عمر ). وعليها لا يبعد القائل عن الصواب لو قال : ( أقلب تصب ) ، حيث كان ابن عباس هو يُقرئ عمراً القرآن (١).
ومهما يكن فليس من عتب على الناشئيَن صاحبي الدراستَين بقدَر ما هو على الأساتذة المشرفين والمناقشِين والمانحِين لهما شهادة الدكتوراه والماجستير!
وسيأتي في بحثي عن تفسير ابن عباس مناقشة هذين الدارسين في هذا الشأن ، وكيف حاولا إثبات بهرجة مزيّفة وكأنّها حقيقة ثابتة ، فإلى هناك.
نعم ، ربّما يخيّل لمن يجد ابن عباس يسأل من عمر عن أمر ذي بال ، فحسب ذلك حجة في تلقيه العلم منه ، بينما واقع الحال في
____________________
(١) الرياض النضرة ٢ / ٧٠.