منه ، فيأخذها من الصحابة الذين سمعوها ، وقليل ما هم الذين وعوها ، وكان من الذين تميّزوا بالوعي هو أُبيّ ، حتّى كان ـ فيما نسب إلى حبر الأمة ـ معدوداً من الراسخين في العلم (١) ، فقد سمع منه في القراءة والتفسير وربما في غيرهما ممّا له فيه معرفة ، قال الذهبي : ( وقرأ ـ ابن عباس ـ كثيراً على أُبيّ وزيد ) (٢) ، ولولا ضمّ زيد إلى أُبيّ لصدقته في قراءة ابن عباس على أُبيّ كثيراً. ولكن سيأتي أن ضمّ زيد إلى أُبيّ كضمّ الحجر إلى الجوهر ، ولم يصحّ أخذ ابن عباس من زيد ، لكن سماعه وأخذه من أُبيّ ثابت ، وليس هو بثابت عن زيد بن ثابت ، كما سيأتي المزيد عن ذلك ، فقد قرأنا ما رواه ابن سعد في ( الطبقات ) بسنده عن ابن عباس يقول : ( ما حدّثني أحد قط حديثاً فاستفهمته فلقد كنت آتي باب أُبيّ بن كعب وهو نائم فأقيل ـ نوم القيلولة ـ على بابه ، ولو علم بمكاني لأحبّ أن يوقظ لي لمكاني من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني أكره أن أملّه ) (٣).
وقد روى أيضاً : ( قال ابن عباس : فجعلت أسأل أُبيّ بن كعب يوماً ـ وكان من الراسخين في العلم ـ عمّا نزل من القرآن بالمدينة؟ فقال : نزل بها سبع وعشرون سورة وسائرها بمكة ) (٤).
وأخرج أحمد في مسنده عن ابن عباس قال : ( جاء رجل إلى عمر يسأله فجعل ينظر إلى رأسه مرّة والى رجليه أخرى هل يرى عليه من
____________________
(١) أنظر البداية والنهاية ٨ / ٢٩٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٣٩.
(٣) الطبقات ٢ / ق ٢ / ١٢٣.
(٤) الطبقات ٢ / ق ٢ / ١٢٤.