فقد انتحلوا مذهب الاعتزال الذي أخذ بدوره يطوّر الفلسفة الإسلامية عن طريق علم الكلام الذي يغلب عليه الطابع السجالي العقلي الحر ، واعتماده الجدل المنطقي ، والقياس في مناقشة القضايا الكلامية. ثم كان من مقولاتهم : المنزلة بين المنزلتين ، وحرية الاختيار ( التفويض ) ، وأخيراً خلق القرآن.
وبوصول نوبة الخلافة إلىٰ المأمون ودعمه مذهب الاعتزال ، حدا به الموقف ( السياسي ـ العقيدي ) إلىٰ اتّباع وسائل إدارية قسرية لفرض وإشاعة هذا المذهب ، حتىٰ بلغ الأمر أن أصدر مرسومه السلطاني ـ فيما بعد ـ بعدم تقليد منصب القضاء لغير معتنقي مذهب الاعتزال والقائلين بخلق القرآن.
هذه الأطروحة الفكرية العقائدية التي كان يُراد منها تصفية بعض المناوئين للسلطة العباسية ، أضحت سياسة رسمية للدولة أيام حكم المأمون والمعتصم والواثق ، يُعاقَب من لم يقل بها ويتّخذها مبدأً له. وفعلاً فقد شكّل هذا المقطع الزمني ( محنة ) بالنسبة لغير ( فقهاء السلطان ). فقد وجدوا أنفسهم في مواجهة تحول الفكر والمعتقد إلىٰ مؤسسة من مؤسسات السلطة التي أخذت تلوّح بعصا الايديولوجية ؛ لسحق المعارضة السياسية ، وضرب المعارضة الفكرية في آن واحد.
والتأريخ لم يحدثنا عن موقف للإمام الجواد عليهالسلام من هذه القضية التي كانت مثار جدل ونقاش سنين عديدة.
قبل الحديث عن علاقة الإمام أبي جعفر
الثاني عليهالسلام
بالسلطة العباسية ،