المرة الأخيرة ، قال : « ما أطيبك يا طيبة ! فلست بعائد إليك » (١) ، وبُعيد هذا فقد أخبر الإمام عليهالسلام أصحابه في السنة التي توفي فيها بأنّه راحل عنهم هذا العام. فعن محمد بن الفرج الرخجي ، قال : ( كتب إليَّ أبو جعفر عليهالسلام : « احملوا إليَّ الخمس فإنّي لست آخذه منكم سوىٰ عامي هذا ». فقُبض في تلك السنة ) (٢).
وأخيراً ينتهي به المسير إلىٰ بغداد عاصمة الدولة العباسية ، مقرّه ومثواه الأخير الأبدي ، ويدخلها لليلتين بقيتا من المحرم من سنة « ٢٢٠ ه » (٣). وما أن وصل إليها وحطّ فيها رحاله حتىٰ أخذ المعتصم يدبّر ويعمل الحيلة في قتل الإمام عليهالسلام بشكل سرّي ؛ ولذلك فقد شكّل مثلثاً لتدبير عملية الاغتيال بكلِّ هدوء..
على الرغم من تعدد الروايات في كيفية شهادة الإمام أبي جعفر الجواد عليهالسلام ، فإنّ أغلبها يجمع علىٰ أن الإمام اغتيل مسموماً ـ ولو أن البعض توقف في أن يشهد بذلك ؛ لعدم ثبوت خبر لديه (٤) ـ وأنّ مثلث الاغتيال قد تمثّل في زوجته أم الفضل زينب بنت المأمون ، وهي المباشر الأول التي قدّمت للإمام عنباً مسموماً ، ثم في أخيها جعفر ، يدبّرهم ويساعدهم علىٰ هذا الأمر المعتصم بن هارون.
________________
١) الثاقب في المناقب / ابن حمزة الطوسي : ٥١٦.
٢) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٣٨٩.
٣) الإرشاد ٢ : ٢٩٥. وروضة الواعظين ١ : ٢٤٣.
٤) راجع الإرشاد ٢ : ٢٩٥ ، والسبب في ذلك أن الشيخ المفيد لا يعمل ولا يأخذ إلّا بالأخبار المتواترة.