الفعلي ، ولكنه يترك لهم الخيار الوهمي ، إذ أن الذي اختار أبا بكر يوم السقيفة هو عمر ثمّ بعض الصحابة ، ولكن في الحقيقة منفّذون لأمر اللّه الذي جعلهم واسطة ليس إلاّ ، على حساب هذا الزعم.
وأمّا الشيعة عندما يقولون بأن اللّه سبحانه خيّر عباده في أفعالهم ، فلا يتناقضون مع قولهم بأنّ الخلافة هي باختيار اللّه وحده ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ ) (١) ؛ لأنّ الخلافة كالنبوة ليست هي من أعمال العباد ولا موكلة إليهم ، فكما أنّ اللّه يصطفي رسوله من بين الناس ويبعثهُ فيهم ، فكذلك بالنسبة لخليفة الرسول ، وللناس أن يطيعوا أمر اللّه ولهم أن يعصوه ، كما وقع بالفعل في حياة الأنبياء وعلى مرّ العصور ، فيكون العباد أحراراً في قبول اختيار اللّه ، فالمؤمن الصالح يقبل ما اختاره اللّه ، والكافر بنعمة ربّه يرفض ما اختاره اللّه له ويتمرّد عليه ، قال تعالى :
( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أتَـتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى ) (٢).
__________________
١ ـ القصص : ٦٨.
٢ ـ طه : ١٢٣ ـ ١٢٦.