فقال أبو بكر : صدقت يا بنة رسول الله ، وصدق علي ، وصدقت أُمّ أيمن ، وصدق عمر ، وصدق عبدالرحمن بن عوف ! وذلك أنّ مالك لأبيك ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يأخذ من فدك قوتكم ، ويقسم الباقي ، ويحمل منه في سبيل الله ، فما تصنعين بها ؟ قالت : « أصنع بها كما يصنع بها أبي ». قال : فلك عليَّ أن أصنع فيها كما يصنع فيها أبوك. قالت : « الله لتفعلنّ ؟ ». قال : الله لأفعلنّ. قالت : « اللهمَّ اشهد » (١).
وهكذا صدّق جميع الشهود مع تباين الشهادتين ، وهو شيء عجيب !! ، في محاولة لاتخلو من المناورة السياسية ، ورجّح جانب عمر بن الخطاب ، ذلك لأنّه لم يفِ للزهراء عليهاالسلام بشيءٍ ممّا قاله ، ولو كان فعل لما سخطت عليه حتىٰ أنّها أوصت أن لا يحضر جنازتها ولا يصلي عليها ، وقد ارتحلت عليهاالسلام إلىٰ جوار ربّها العزيز وهي غاضبة عليه وعلى صاحبه.
هناك عدة شواهد تدلُّ علىٰ مظلومية الزهراء عليهاالسلام في هذه المسألة وجور الحاكم وتماديه في ظلمها واغتصاب حقها ، وقد كان اللازم علىٰ سائر المسلمين أن يقفوا بوجه الظلم ، ولا يدعو ابنة نبيّهم تضطر للخروج أمام الصحابة للمطالبة بحقّها ، مما جرّ هذا الاغتصاب وظلم آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ متابعة هضم حقوقهم من لدن السياسات المتعاقبة في الإسلام.
وسوف نقتصر علىٰ جملة من الشواهد الدالة علىٰ مظلومية الزهراء عليهاالسلام في شأن فدك :
_______________________
١) شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٦.