عمر ، وإنَّما شيء يشبهها أحجموا هم عن ذكره ، انظر إلىٰ عبارة هذه الرواية « فقال عمر كلمة معناها أنَّ الوجع قد غلب علىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ... » (١).
وكما ترىٰ أن الاجتهاد في تهذيب هذه الرواية يلتمس لها كلَّ كلمة يمكنها أن تقلل من أهميَّتها ، فالخليفة الثاني لم يقل « غلبه الوجع » ـ حسب هذه الرواية ـ وإنَّما كلمة معناها ذلك. فماذا قال إذاً ؟!
هل يوجد من راقب الله واتَّقاه عندما نقل هذه الحادثة إلىٰ الأجيال ؟!
نعم ، والحمد لله ، هم كثيرون ، وقد نقلوا بتواتر لا يُردّ تلك الكلمة « القاصمة للظهر » !!.
فهل لنا أن نتصوّر كم هي خيبة الأمل التي عاناها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما تعرَّض لهذه الحادثة الأليمة ... ألا يحقُّ للأب بأن يوصي أبناءه بوصيَّة تحفظهم من الزلل ؟؟؟..
إنَّه أراد أن يبادر إلىٰ ذلك فأسكتوه ... أراد أن يمنحهم الإكسير فأراقوه ... أراد لهم العزَّة والهدىٰ والعلياء إلىٰ يوم القيامة ، فقدَّموا بين يديه وهو حيٌّ ، فرفضوا وصيَّته ومنعوه ...
قد يقول بعض الناس : لا تُهوِّلوا ... لا تُهوِّلوا ... وقولوا ما قال عمر لنفهم ، فربَّما تهويلكم في غير محلِّه.
فنقول لهم : إنَّه قال : « هجر رسول الله ... » ولننتظر قليلاً لنفهم مصادر هذه الرواية ، ولنقدِّم قبلها تعريفاً لكلمة « هجر » التي قلنا عنها ما قلنا. وهل هي حقَّاً ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٢ : ٢٠.