الوجع » (١) ، وتنقل الروايات التي فيها هذه العبارة أنَّ الموجودين تنازعوا وانقسموا إلىٰ فريقين ، فمنهم من يقول : « قرِّبوا لرسول الله يكتب لكم كتاباً » ومنهم من يقول ما قاله عمر.
وهناك روايات أُخرىٰ كما سترىٰ تذكر بعد طلب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنَّهم « قالوا : هَجَرَ رسول الله » (٢) وفي أُخرىٰ « وقالوا ما شأنه ، أهجر ؟ استفهموه » (٣).
فأين عمر في هذه الروايات ، ولماذا لم يذكروا له وجوداً ؟!
إنَّه مختبئ في عقول الرواة وتصانيفهم ، يريدون بالطبع أن لا يُذكر عمر في هذه الحادثة الأليمة ، ولا توجَّهُ إليه أصابع الاتهام ، هذا سعيهم كما فهمنا ذلك مسبقاً.
فهم إذا ذكروا عمر قالوا : « إنَّه قال : إنَّ النبيَّ قد غلبه الوجع ». وإن أرادوا أن يذكروا كلمة « هجر » القاصمة للظهر ، لم يذكروا معها عمر.
وتلك معادلة ذكية جعلت المسألة صعبة الحلّ ولا يمكن فكّ رموزها بسهولة.
وعلىٰ المؤمنين بهذه المعادلة الإجابة علىٰ الآيات الكثيرة الموجودة في القرآن الكريم التي تجمع طاعة الله مع طاعة الرسول ، والاستجابة لله مع الاستجابة للرسول ، واتِّباع أمر الله مع اتِّباع أمر الرسول ، ومثاله هذه الآيات : ( وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) (٤).
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٣٧ ـ كتاب العلم ، و ٨ : ١٦١ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ـ باب كراهة الخلاف.
(٢) صحيح البخاري ٤ : ٣١.
(٣) صحيح مسلم ٥ : ٧٥.
(٤) سورة المائدة : ٥ / ٩٢.