ذلك فرع كون عملية التخصيص في رتبة عملية تعارض العموم من وجه ، أمّا بعد أن أوضحنا تقدّمها رتبة ، فالمتعيّن هو ما أفاده الشيخ قدسسره من التخصيص بالخاصّ أوّلاً ، ثمّ جعل العام الأوّل مخصّصاً للثاني لانقلاب النسبة كما أوضحناه ، فلاحظ.
ومن هذا الذي شرحنا من كون عملية التخصيص سابقة في الرتبة على عملية التعارض من وجه أو التعارض على وجه التباين ، يظهر لك التأمّل في مسلكه من تقدّم عملية التعارض على التخصيص ، وحينئذ فإن قدّمنا العام الأوّل سقط الثاني في مورد المعارضة ، ولكن اللازم تخصيص العام الأوّل بالخاصّ ، وإن عكسنا سقط العام الأوّل في مورد المعارضة وانقلبت النسبة بينه وبين الخاصّ إلى التباين ، ولكن اللازم تقديم الخاصّ لكونه أظهر.
هذه خلاصة مسلكه في هذه الصورة الذي أشار إليه في صدر كلامه بقوله : وسيأتي إن شاء الله حكم هذه الصورة.
وعمدة ما برهن عليه في تقديم عملية التعارض هو قوله في الايراد على الشيخ : إنّ العام حيث إنّه مبتلى بالمعارض فلا عموم متيقّن في البين ليجب تخصيصه بالخاصّ (١) ، وقوله في الايراد على صاحب الكفاية : وفيه أوّلاً ما مرّ الخ (٢) ، وقوله : بل الصحيح أن يقال بلزوم إعمال قواعد التعارض بين العامين أوّلاً حتّى يتبيّن أنّه هل يبقى هناك عموم ليقال بتخصيصه أم لا (٣) ، وقد عرفت أنّ التخصيص إنّما يتوقّف على وجود العام لا على فعلية حجّيته ونبذ المعارضات له ، فإنّ التخصيص تصرّف في الدلالة والحكاية عن الواقع ، وهي حاصلة في مورد وجود
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٣٤٩.
(٢) المصدر المتقدّم : ٣٥١.
(٣) المصدر المتقدّم : ٣٥٢.