باللاّحجّة.
ولكن للتأمّل فيه مجال ، وهو أنّ الصورة الثانية لا يمكن فيها التمسّك بعموم دليل الحجّية في كلّ واحدة من الروايتين ، لكونه من قبيل التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية ، فإنّا بعد أن فرضنا أنّ الحجّة هو ما يرويه الثقة ، وكان الراوي في الرواية الأُولى وفي الثانية هو أبا بصير ، وعلمنا بأنّه في إحداهما هو الموثّق وفي الأُخرى هو غير الموثّق ، لم يمكن لنا التمسّك بعموم حجّية خبر الثقة في الأُولى للشكّ في دخولها تحت الموثّق ، وكذلك الحال في الرواية الثانية ، غاية الأمر لمّا علمنا من الخارج أنّه هو الموثّق في إحداهما ، كان ذلك موجباً للعلم بكون أحد الحكمين قد قام عليه الخبر الموثّق ، فيلزمنا إجراء حكم العلم الاجمالي بالنسبة إلى ذلك الحكم لو كان كلّ من الحكمين إلزامياً ، ففي الحقيقة ليس ذلك من قبيل اشتباه الحجّة باللاّحجّة ، بل هو من قبيل عدم دخول كلّ منهما في دليل الحجّية ، ولأجل ذلك يمكن أن يقال بالرجوع إلى البراءة في كلّ من الحكمين ، لعدم قيام الحجّة على أحدهما ، للقطع بأنّ هذه الرواية ليست بحجّة كما أنّ أُختها أيضاً كذلك ، فتأمّل.
نعم ، لو كان هذا الاشتباه والعلم الاجمالي بكون أبي بصير في إحداهما هو غير الموثّق مسبوقاً بالعلم التفصيلي بكونه في هذه مثلاً هو غير الثقة ثمّ اشتبهتا ، لكان ذلك من قبيل اشتباه الحجّة باللاّحجّة ، بمعنى اشتباه ما كان حجّة بما كان غير حجّة ، أمّا بعد تحقّق الاشتباه المزبور فليس شيء منهما بحجّة فعلاً ، فلا يصحّ قولنا إنّهما من قبيل اشتباه الحجّة فعلاً باللاّحجّة.
أمّا القسم الثالث فإن لم يكن الاشتباه فيه مسبوقاً بالعلم التفصيلي ، بأن لم يكن لنا إلاّهاتان الروايتان مع العلم الاجمالي بكون إحداهما كاذبة ، لا يكون ذلك