بل إنّه بواسطة التعارض يوجب العلم بعدم حجّية كلّ منهما ، فلا يبقى لدينا إلاّما أفاده الشيخ قدسسره (١) من أنّ سقوط حجّيتهما في مدلولهما المطابقي لا يستلزم سقوطها في مدلولهما الالتزامي ، لإمكان التفكيك في الحجّية بين الدلالتين.
وأمّا ما أفاده في دعوى الملازمة في الحجّية بين الدلالتين في حاشيته الخطّية المرسومة على هامش حاشيته على الرسائل (٢) وقد نقله المرحوم الشيخ محمّد علي في هامش هذا التقرير (٣) وحاصله : أنّ ما دلّ على وجوب الشيء وإن دلّ على نفي الحرمة التي دلّ عليها الخبر الآخر وعلى نفي الاباحة التي هي الأمر الثالث ، إلاّ أنّ ثبوت نفي الاباحة إنّما هو في طول ثبوت الوجوب ، والمفروض أنّ الوجوب لم يثبت لوجود معارضه وهو ما دلّ على الحرمة.
ففيه : ما عرفت الاشارة إليه من أنّه لو كان المراد باللازم هو الانتقال من ثبوت المدلول المطابقي إليه انتقالاً لمّياً أو إنّياً أو الانتقال من ثبوت الموضوع إلى تحقّق حكمه ، فذلك مسلّم ، إذ ما لم يثبت الملزوم أو الموضوع لا يتمّ الانتقال إلى لازمه.
أمّا إذا كان المراد من اللازم هو ما يدخل تحت الدلالة الالتزامية بحيث يكون ما دلّ على الوجوب بالمطابقة دالاً على نفي الاباحة بالالتزام ، فكان له دلالتان لفظيتان مطابقية والتزامية ، فلا مانع من شمول دليل التصديق له باعتبار
__________________
(١) [ ليس للشيخ قدسسره في هذا المقام تصريح بذلك ، نعم قد يقتنص ذلك من بعض عباراته فراجع فرائد الأُصول ٤ : ٣٣ ـ ٤٥ ].
(٢) حاشية كتاب فرائد الأُصول : ٢٦٦. ولكنّه مذكور في متن الحاشية لا في هامشها.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٧٥٥ ، الهامش ٢.