الدلالة الالتزامية ، وأقصى ما في البين هو أنّه بعد الحكم بصدور هذا الخبر الدالّ على الوجوب بالمطابقة وعلى عدم الاباحة بالالتزام ، نقول إنّه لا يمكن العمل به من ناحية المطابقة لوجود المعارضة مع وجوب العمل به من ناحية الالتزام ، إذ لا معارض له فيها ، أو لاشتراكه مع معارضه فيها ، وهذا هو المراد من أنّه ليس بحجّة من حيث المطابقة مع كونه حجّة من حيث الالتزام ، وليس المراد أنّه ليس بصادر من حيث المطابقة وصادر من حيث الالتزام ، لما عرفت من أنّ عدم الحجّية لا يلزمها الحكم بعدم الصدور ، فلاحظ وتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّه ربما يؤخذ هذا المعنى الذي أفاده المرحوم صاحب الكفاية قدسسره في الحاشية الخطّية دليلاً على سقوطهما وعلى نفيهما الثالث ، فأفاد ما محصّله : أنّ الخبر الدالّ على وجوب الشيء في قبال الخبر الدالّ على حرمته يدلّ بالمطابقة على الوجوب ، وبالالتزام على نفي التحريم وعلى نفي الاباحة ، وهكذا الحال في الخبر الدالّ على التحريم ، فلا يمكن الحكم بتصديقهما لأنّه ينتهي إلى التناقض فيما اختلفا فيه ، أمّا فيما لم يختلفا فيه وهو نفي الاباحة فلا مانع من تصديقهما ، هذا في المتضادّين.
وأمّا في المتناقضين مثل أن يدلّ أحدهما على الوجوب والآخر على عدم الوجوب فهو أوضح ، لأنّ كلاً منهما يدلّ على نفي مدلول الآخر بالمطابقة ، فلا يمكن تصديقهما فيسقطان ، لكن يبقى لما دلّ على الوجوب دلالته الالتزامية على نفي ما عدا الوجوب الذي هو الاباحة مثلاً ، فلا مانع من تصديقه فيه.
ولا يخفى أنّ ما يدلّ على نفي الوجوب يدلّ بالالتزام على أنّ حكمه هو أحد الأحكام الأربعة الباقية ما عدا الوجوب ، إذ لا تخلو الواقعة عن حكم من