الأحكام الخمسة ، وحينئذ فما يدلّ على الوجوب يدلّ بالالتزام على نفي ما عداه فتقع المصادمة بين الدلالتين الالتزاميتين.
ثمّ في النحو الأوّل لمّا كان خبر الوجوب يدلّ بالالتزام على نفي ما عدا الوجوب ، وخبر التحريم أيضاً كذلك ، كان اللازم التبعيض في الدلالة الالتزامية لكلّ منهما ، بمعنى أنّا نسقط الدلالة الالتزامية لخبر الوجوب في نفي التحريم ، ونسقطها من خبر التحريم في نفي الوجوب ، وتبقى دلالتهما الالتزامية في نفي ما عداهما ، وهذا غريب ، لأنّ أقصى ما عندنا هو التبعيض في الدلالة المطابقية عن الالتزامية ، أمّا التبعيض في نفس الدلالة الالتزامية فهو غريب.
ثمّ بعد اللتيا والتي يبقى الكلام في وجه بقاء الدلالة الالتزامية بعد سقوط المطابقية ، بل بعد سقوطها في بعض مواردها ، وكلّ هذه الأُمور متفرّعة عن تمامية كون نفي المقابل من الدلالات [ وليس كذلك ] ، بل هو من الاستكشافات.
ثمّ نعود لما نحن فيه فنقول : إنّ هذا التعارض كما لا ينفي الرجوع إلى العموم لا ينفي الرجوع إلى البراءة من الوجوب أو التحريم ، إلاّ إذا كان لنا من الخارج علم إجمالي بأنّ الحكم على طبق أحدهما ، ويكون ذلك من قبيل الرجوع إلى البراءة في مورد تعارض النصّين في مسألة دوران الأمر بين المحذورين ، فإنّه لولا الحكم التعبّدي بالتخيير بين الخبرين لكان مقتضى القاعدة هو الرجوع إلى البراءة من كلّ منهما.
ومن ذلك يظهر الإشكال فيما أُفيد في مسألة الظهر والجمعة ، فإنّ الثالث إن كان هو البراءة منهما فالظاهر أنّه لا مانع منه لو لم يكن في البين إجماع على وجوب إحداهما ، مضافاً إلى الإجماع على عدم وجوبهما معاً.