مسبوقاً به ، وأمّا في الصورة الأُخرى وهي صورة العلم بكذب إحداهما ، فإن كان الاشتباه مسبوقاً بالعلم التفصيلي كان من قبيل اشتباه الحجّة الفعلية باللاّحجّة ، وإن لم يكن مسبوقاً بذلك كانا من قبيل المتعارضين (١)
__________________
(١) والأولى أن يقال : إنّه لا ينبغي الريب في كون ما دلّ على الجمعة وما دلّ على الظهر من التعارض بعد فرض أنّه ليس لنا إلاّصلاة واحدة ، فالأوّل يخبر عنها بأنّها جمعة ، والثاني يخبر عنها بأنّها ظهر.
ويلحق بذلك ما لو اتّفق العلم الخارجي بكذب مدلول إحدى الروايتين ، فإنّه بمنزلة ما يدلّ على وجوب الشيء في قبال ما يدلّ على حرمته أو على عدم وجوبه ، غايته أنّ هذا تعاند ذاتي وما نحن فيه تعاند عارضي ، لعلمنا بأنّهما لا يجتمعان ولو من جهة العلم بكذب إحداهما ، سواء علمنا بصدق الأُخرى أو لم نعلم.
نعم ، ربما يقال : إنّ ذلك إن كان بعد العلم التفصيلي بما هي كاذبة ثمّ حصل الاشتباه ، يكون من قبيل اشتباه الحجّة باللاّحجّة ، أمّا مثل التردّد في أبي بصير في هذه الرواية وفيه في الرواية الأُخرى ، وكذلك لو علم أنّ أحد الشخصين ـ أعني زيداً الراوي لهذه الرواية وعمراً الراوي للرواية الأُخرى ـ غير عادل ، فليس ذلك من قبيل اشتباه الحجّة باللاّحجّة ، بل كلّ منهما ليس بحجّة ، للشكّ في دخولهما تحت العادل من مثل صدّق العادل.
أمّا لو علمت الرواية التي يرويها العادل تفصيلاً ثمّ حصل الاشتباه بينهما وبين الأُخرى ، فذلك وإن صدق عليه اشتباه الحجّة باللاّحجّة ، يعني اشتباه ما كان حجّة بما كان ليس بحجّة ، لكن الآن كلّ منهما ليس بحجّة ، فإنّ الحجّية لا تتحمّل وجوداً واقعياً ، سواء كان ابتدائياً كما لو لم يتقدّم العلم التفصيلي أو كان بواسطة الاشتباه العارضي كما لو تقدّم.
وإن شئت فقل : إنّ الحجّية لا تتحمّل وجوداً واقعياً في مورد العلم الاجمالي ، ويكون المرجع هو الأُصول العملية كما لو لم يكن ذلك العلم الاجمالي في البين.