البيت من خلافه ، بأن كان النهي نهي كراهة وتنزيه لا نهي تحريم وإلزام ، وقد يطرح فيما خالفها من أخبار أهل البيت عليهمالسلام كما إذا كان نهي إلزام أو أمر إلزام ، ويستفاد منه ذلك ، وأنّه لابدّ للفقيه من التأمّل وعدم البدار إلى طرح ما خالف السنّة حتّى يعرف حال النهي المروي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه نهي عافية (١) أو نهي عزيمة ، وهذا المعنى لا مساس له بما نحن فيه أصلاً ، إلى آخر كلامه فراجعه (٢).
ولكنّك قد عرفت أنّها بصدد بيان حكم التعارض ، وبيان أنّ حديث التوسعة في الأخذ بأيّهما شئت مختصّ بخصوص ذلك القسم من التعارض ، فتكون حاكمة على ما دلّ على التوسعة ، وأنّ ما عدا تلك الموارد الترخيصية لا توسعة فيها ، وأنّه يجب التوقّف فيها.
فراجع وتأمّل في فقرات الرواية الشريفة ، خصوصاً ذلك التقسيم الثلاثي الذي تضمّنه قوله عليهالسلام : « فما ورد عليكم من حديثين مختلفين » إلى آخره ، فإنّه عليهالسلام أمر أوّلاً بعرضهما على الكتاب وأمر بأخذ ما وافقه وطرح ما خالفه ، وثانياً بعرضهما على السنّة ، فإن كان فيها ما يتضمّن الالزام ، كان اللازم هو طرح ما خالف ذلك ، وإن لم يكن إلاّ التنزيه والاستحباب ، لم يكن ذلك موجباً لطرح المخالف الدالّ على الترخيص ، وكان ذلك هو المعني به من حديث التوسعة.
وثالثاً أنّ ما كان خارجاً عن هذه الضوابط كان الحكم فيه هو التوقّف في الفتوى الذي يكون لازمه هو التساقط.
ولا يخفى أنّ كون حمل المخالف للسنّة التنزيهية على الترخيص من باب الجمع الدلالي لا ينافي أصل المطلب ، وهو تعرّض الرواية لشرح التوسعة وبيان
__________________
(١) [ هكذا في المصدر والمذكور في الحديث : إعافة ].
(٢) بدائع الأفكار : ٤٢٤.