انحصار موردها في خصوص هذا القسم.
نعم ، يبقى شيء أشار إليه ، وهو أنّ التوقّف الذي أمرت به الرواية هو التوقّف في الفتوى ، وهو لا ينافي التخيير العملي الذي دلّت عليه أخباره ، لكن ذلك مبني على أنّ مفاد أخبار التخيير هو التخيير العملي ، أعني كونه تخييراً في المسألة الفرعية ، وقد عرفت أنّه تخيير في المسألة الأُصولية ، هذا.
مضافاً إلى أنّ ما دلّت عليه هذه الرواية من بيان انحصار التوسعة بخصوص الأحكام غير الالزامية كافٍ في إسقاط عموم تلك الروايات لغير هذه الأحكام.
ثمّ إنّ المرحوم السيّد محمّد كاظم قدسسره في رسالته تعرّض لهذه الرواية واستدلال صاحب الوسائل (١) بها ، وأجاب عنها بأنّها ليست ناظرة إلى التخيير بين الخبرين من حيث إنّهما خبران كما بيّناه سابقاً ، كيف ولو كان المراد ذلك لزم التخيير ولو مع وجود المرجّح وهو موافقة أحدهما للسنّة ، وهذا باطل ، فلو دلّ أحدهما على استحباب شيء والآخر على كراهته مثلاً ، وفرض أنّ السنّة مطابقة لأحدهما ، فلا يعقل التخيير ، وهذا يعيّن ما ذكرنا من أنّ المراد جواز العمل بالخبرين من حيث إنّ الحكم غير إلزامي ويجوز تركه ، وهذا واضح غايته ، خصوصاً بعد التأمّل في تمام الخبر ، فراجع (٢). وأشار بذلك إلى ما تقدّم منه في هذه الرواية (٣).
وفيه : أنّ الترخيص [ في ] الرواية وإن كان لأجل ما أُفيد من كون الحكم غير إلزامي ، وأنّه ليس من قبيل التخيير بين الخبرين ، إلاّ أنّها دالّة على أنّ التوسعة
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٨ ـ ١٠٩ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ذيل ح ٦.
(٢) كتاب التعارض : ٢٥٧ ـ ٢٥٨.
(٣) المصدر المتقدّم : ٢٤٢.