وقد بقي الإشكال الثالث للكفاية (١) لم يتعرّض له قدسسره ، وهو إشكال التخصيص المستهجن. قال في الوسائل ـ بعد ذكره وجه الجمع بين أخبار التخيير وأخبار التوقّف ـ ما هذا لفظه : على أنّ الاختلاف من غير وجود مرجّح منصوص أصلاً لا وجود له في أحاديثهم عليهمالسلام إلاّنادراً ، كما ذكره الطبرسي في الاحتجاج وغيره (٢).
ولكنّ هذا الإشكال لازم للكفاية بعد بنائه على أنّ هذه المرجّحات التي تعرّضت لها المقبولة لم تكن في مقام الترجيح ، وإنّما هي في مقام تمييز الحجّة عن غيرها ، فإنّ لازم ذلك هو انحصار مورد أخبار التخيير بما عدا مورد المقبولة.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ ذلك ليس من قبيل التقييد وإبقاء المطلق على فرد نادر ، بل إنّ ذلك الحكم ـ وهو التخيير من أوّل الأمر ـ يكون مورده تعارض الحجّتين ، فلا يشمل موارد الترجيح المذكور لأنّه ليس منها ، ولا يكون اختصاصه حينئذ بالفرد النادر من قبيل التخصيص المستهجن ، بل هو مختصّ به من أوّل الأمر هذا ، وقد عرفت فيما تقدّم (٣) ممّا شرحناه فيما يتعلّق برواية العيون انحصار التوسعة أو التخيير بخصوص الأحكام غير الالزامية ، فنكون في راحة من هذه الإشكالات ، فراجع وتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّه قد تقدّم (٤) أنّ عمدة أخبار التخيير هي رواية الحسن بن الجهم (٥) ، وأنّ رواية ابن مهزيار الواردة في مسألة النافلة في المحمل ، والمكاتبة (٦)
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٤٤.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢١ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ، ذيل ح ٣٩.
(٣) في الصفحة : ٢٠٧ وما بعدها ، وكذا في هامش الصفحة : ١٦٢.
(٤) في الصفحة : ٢٠٢ وما بعدها.
(٥) الآتية بعد قليل.
(٦) تقدّمتا في الصفحة : ٢٠٦.