يتوقّف عليه بيانه وإفادته ، وهذه القاعدة محرزة لعدم القرينة المنفصلة. والقول الثاني أنّ الحكم المذكور لا يتوقّف على إحراز عدم القرينة ، بل يكفي فيه مجرّد ظهور كلامه في إرادة ذلك المعنى ، انتهى.
ثمّ إنّه قدسسره تعرّض لبيان الحقّ في هذين القولين ، وأنّ الحقّ فيه هو التفصيل الآتي (١) ببيان أوضح وأوفى فراجعه.
قلت : لعلّ مرجع هذا النزاع إلى النزاع في أنّ أصالة الظهور هل هي من الأُصول العدمية الراجعة إلى أصالة عدم القرينة أعم من المتّصلة ، أو أنّ أصالة الظهور أصل مستقل برأسه من الأُصول الوجودية ، وهي لزوم الأخذ بظاهر الكلام ما لم يكن في البين قرينة على إرادة خلافه. أمّا القرينة المنفصلة فيمكن القول بأنّها لا توجب الخدشة في الظهور ، غايته أنّها لو تحقّقت كانت موجبة لرفع اليد عن حجّية ذلك الظهور في كشفه عن إرادة المتكلّم ، بمعنى أنّها تكون مزاحمة لحجّية ذلك الظهور في كشفه عن المراد ، وحيث إنّها مقدّمة في مقام التزاحم يلزمنا رفع اليد عن هذه الحجّية التي كانت بأيدينا ، هذا بعد العثور عليها ، أمّا قبل العثور عليها فلا يكون في البين إلاّمجرّد احتمالها سابقة أو لاحقة ، وهذا الاحتمال لا يوجب الوقفة في حجّية ما بيدنا من الظهور خصوصاً فيما يحتمل لحوقها ، وأقصى ما في البين هو احتمال أنّ المتكلّم أراد خلاف الظاهر ، وهذا الاحتمال ملغى بواسطة ذلك القانون المحاوري الذي حاصله هو أنّه على المتكلّم إذا كان في مقام بيان مراده أن يذكر كلّ ما له دخل فيه ، وأنّ اعتماده على القرينة المنفصلة يكون غير معتنى به عند العقلاء ، وإن قلنا بأنّه غير مناف لحكمة المتكلّم ، لأنّه لم يكن إلاّلغرض صحيح ، إلاّ أنّه على كلّ حال يكون على خلاف
__________________
(١) في فوائد الأُصول ٤ : ٧١٨ ـ ٧١٩.