لنا خبران متعارضان يتضمّن أحدهما وجوب إكرام النحويين والآخر حرمة إكرامهم ، وفي هذه الصورة يتعارض الخبران ، فإن قلنا بسقوطهما يكون العمل على العام ، وإن قلنا بأنّ الأوّل منهما مقدّم على الآخر لكونه موافقاً للعام ، تكون النتيجة أيضاً هي العمل على العام ، لكن لو قلنا بعدم التساقط وقلنا بالتخيير تظهر الثمرة بين إعمال الترجيح وعدمه ، لأنّا لو أعملنا الترجيح يكون العمل على العام ، وإن لم نأخذ بعملية الترجيح نتخيّر ، فلربما اخترنا الخبر المخالف للعام ، وحينئذ يكون النحوي خارجاً عن العام.
الصورة الثانية : ما لو كان الأمر بالعكس ، بأن يكون في الكتاب أو السنّة وجوب إكرام العالم العادل ، ويكون لنا خبران عامان متباينان ، مفاد أحدهما وجوب [ إكرام ] العالم ومفاد الآخر حرمة إكرام العالم ، ففي هذه الصورة يكون ما في الكتاب مخصّصاً للخبر الثاني ، وبعد تخصيصه به تنقلب النسبة بينه وبين معارضه ويكون أخصّ منه ، فيقدّم عليه ، ويكون العمل حينئذ على ما في الكتاب ، ويكون المخالف له مقدّماً على الموافق له ، هذا لو أجرينا المسألة على التخصيص.
أمّا لو أجرينا المسألة على الترجيح ، ورجّحنا الأوّل من الخبرين ، وهو ما دلّ على وجوب إكرام العلماء على معارضه ، فإن كان محصّل هذا الترجيح هو إسقاط الثاني بالمرّة كان العمل على العام الأوّل ، وسقط العام الثاني بالمرّة ، وحينئذ تظهر الثمرة بين عملية التخصيص وعملية الترجيح.
لكن لو قلنا إنّ ترجيح الأوّل من العامين على الثاني منهما إنّما يكون موجباً لإسقاط الثاني في خصوص ما خالف فيه الكتاب ، وهو العالم العادل ، أمّا فيما لا يخالفه فيه وهو العالم الفاسق فلا يسقط الثاني فيه عن الحجّية ، وحينئذ يكون