الثاني ـ أعني إخفاء المنفصل ـ كما يظهر من الشيخ قدسسره (١) ، فلاحظ وتأمّل.
ومن ذلك كلّه يظهر أنّ باب احتمال النسخ منفتح ، لأنّا إنّما استبعدناه بالنظر إلى تمام تلك البيانات المتأخّرة ، أمّا كون بيان واحد أو بيانين أو أكثر يكون من النسخ ، فهذا ممّا لا يكون مستبعداً.
قوله : وعلى كلّ حال ، لو تردّد الخاصّ بين أن يكون مخصّصاً أو ناسخاً فقيل بتقديم التخصيص لكثرته وشيوعه حتّى قيل ما من عام إلاّوقد خصّ وقيل بتقديم النسخ فإنّه لا يلزم من النسخ إلاّتقييد الاطلاق ، وهو أولى من تخصيص العام عند الدوران بينهما كما تقدّم ... الخ (٢).
ربما يقال : إنّ النسخ من قبيل التخصيص أو التقييد الأزماني ، فيكون من قبيل الدفع ، وقد حرّرنا في مباحث العموم من الأدلّة اللفظية (٣) وفي بعض مباحث العموم الأزماني من تنبيهات الاستصحاب (٤) أنّ النسخ من قبيل الرفع لا الدفع ، وأنّ الحكم بطبعه يقتضي البقاء ما لم يرفعه رافع كما هو الشأن في كلّ موجود ، والرافع للحكم هو نسخه ، فإنّه يرفعه حقيقة ، وإن كان الحاكم حينما أوجد الحكم كان عالماً بأنّه يرفعه بعد ذلك ، ومجرّد كون المصلحة محدودة وقصيرة لا توجب كون الحكم مقيّداً ومحدوداً في عالم الجعل والتشريع بها ، بل إنّ الحاكم جرياً على محدودية المصلحة يجعل الحكم ثمّ يلتزم برفعه عند انتهاء أمد مصلحته على وجه لو جوّزنا على ذلك الحاكم مخالفة المصالح ولم يرفع الحكم عند انتهاء
__________________
(١) فرائد الأُصول ٤ : ٩٥.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٧٣٧ ـ ٧٣٨.
(٣) راجع المجلّد الخامس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٨٩ وما بعدها.
(٤) راجع المجلّد العاشر من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٥٥ وما بعدها.