وما ربما يقال : من أنّ أصالة عدم النسخ أصل مستقل عقلائي لا يناط بالاستصحاب ، لا يخفى ما فيه ، فإنّ بناء العقلاء على عدم النسخ ليس إلاّمن جهة الاستصحاب ، وإلاّ فإنّهم لا يعرفون النسخ أو لا يعرفون أنّ له خصوصية زائدة على كونه حادثاً رافعاً للحكم.
والاستدلال على كونه أصلاً عقلائياً مستقلاً بجريانه لو حصل الشكّ في نسخ الحكم القائل « لا تنقض اليقين بالشكّ » الذي هو مدرك الاستصحاب ، لا يخفى ما فيه ، فإنّه لو انحصر مدرك الاستصحاب بقوله « لا تنقض » الخ ، المفروض كونه مشكوك النسخ ، سقط التمسّك على بقاء ذلك الحكم بمفاد قوله « لا تنقض » الخ ، والقول بأنّ أصالة عدم النسخ جارية حتّى مع الشكّ في بقاء هذا الحكم ممنوع أشدّ المنع.
وعلى كلّ حال ، وكيف كان المدرك في أصالة عدم النسخ ، هل هو الاستصحاب ، أو أنّه أصل عقلائي مستقل ، أو أنّه مفاد العموم الأزماني ، أو أنّه مأخوذ من عموم قوله عليهالسلام « حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال » الخ ، لا يكون إلاّفي الرتبة المتأخّرة عن العموم الأفرادي الذي لا يمكن الأخذ به مع وجود المخصّص في قباله ، ومع التخصيص لا يبقى موضوع لأصالة عدم النسخ ، لأنّها فرع ثبوت الحكم العام في مورد الخاصّ المفروض عدمه بواسطة التخصيص السابق في الرتبة على النسخ.
ويتّضح ذلك جليّاً في صورة كون المتقدّم هو الخاصّ والمتأخّر هو العام بعد حضور وقت العمل بالخاصّ ، ودار الأمر بين كون ذلك الخاصّ المتقدّم مخصّصاً للعام المتأخّر أو كون ذلك العام ناسخاً للخاصّ ، فإنّ هذه الصورة هي