مقيّداً بالشكّ أعني الأُصول العملية ، لأنّ لازمه التصويب وعدم الاعادة والقضاء فيما لو انكشف الخلاف. مضافاً إلى أنّ حمل الأدلّة المتكفّلة للأحكام الواقعية على الأحكام الشأنية اللولائية لا يخفى فساده.
وعلى كلّ حال ، أنّ التنافي بين الأحكام الواقعية والأحكام الظاهرية ليس من قبيل التعارض ، إذ ليس الكلام في الخبر الدالّ على الحكم الواقعي والخبر الدالّ على الحكم الظاهري الذي هو منافٍ للحكم الواقعي ، إذ ليس لنا مثل هذين الخبرين ، بل الكلام إنّما هو في تنافي الحكمين وفي كيفية الجمع بينهما ، وذلك لا دخل له بتعارض الأدلّة ، فلاحظ وتدبّر.
قوله : وعلى كلّ حال ، فقد عرفت أنّ التعارض إنّما يلحق الدليلين ثانياً وبالعرض ، والذي يتّصف به أوّلاً وبالذات هو مدلول الدليلين وما يحكيان ويكشفان عنه ، ويؤدّيان إليه مطابقة أو التزاماً ... الخ (١).
لا يخفى أنّ مقام المحكي والمدلول إنّما هو نفس الواقع ، ولا ريب أنّه لا يتصوّر التعارض في ذلك الصقع ، بل لا يتصوّر فيه التنافي والتعاند ، حيث إنّ الواقع واحد لا تعدّد فيه كي يكون أحد الأمرين الواقعيين منافياً ومعانداً للآخر وإنّما يتصوّر جميع ذلك في مقام الحكاية والاثبات ، فلا يتمّ ما أُفيد من أنّ التعارض عارض ابتداءً لنفس المدلولين والمحكيين ثمّ يعرض الدليلين والحاكيين ثانياً وبالعرض.
نعم ، إنّ عدم إمكان اجتماع المحكيين والمدلولين يكون موجباً لعروض التعارض للحاكيين ، والأمر في ذلك سهل ، لأنّا إذا أخذنا التعارض بمعنى عدم إمكان الاجتماع فهو لا يكون إلاّفي نفس المدلولين لوقوع التناقض أو التضادّ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٠٢.