الواقعي ، بمعنى الحكم على ذلك المتكلّم بأنّه قد أراد جميع العلماء من قوله : لا تكرم العلماء ، كان التخصيص به متقدّماً في الرتبة على إجراء وظيفة التباين بينه وبين العام الأوّل ، لكون هذا الخاصّ كاشفاً عن أنّ المتكلّم لم يرد بالعام الثاني إلاّ خصوص الفسّاق من العلماء ، وبه يرتفع موضوع التباين بينه وبين العام الأوّل.
وهذا التقدّم الرتبي هو الحجر الأساسي في انقلاب النسبة ، ولعلّ ما في الكفاية كان إيماءً إلى إنكاره ، فإنّه بعد أن ذكر عدم انقلاب النسبة فيما إذا [ ورد ] عام وخاصّان على خلافه ، وكان أحد ذينك الخاصّين أخصّ من الآخر ، وأنّه لا يخصّص العام أوّلاً بأخصّ الخاصّين ثمّ بعد ذلك تلاحظ النسبة بين ذلك العام والخاصّ الآخر ، قال ما نصّه :
هذا فيما كانت النسبة بين المتعارضات متّحدة ، وقد ظهر منه حالها فيما كانت النسبة بينها متعدّدة ، كما إذا ورد عامان من وجه مع ما هو أخصّ مطلقاً من أحدهما ، وأنّه لابدّ من تقديم الخاصّ على العام ومعاملة العموم من وجه بين العامين من الترجيح والتخيير بينهما وإن انقلبت النسبة بينهما إلى العموم المطلق بعد تخصيص أحدهما ، لما عرفت من أنّه لا وجه إلاّلملاحظة النسبة قبل العلاج ، نعم لو لم يكن الباقي تحته بعد تخصيصه إلاّما لا يجوز أن يجوز عنه التخصيص ، أو كان بعيداً جدّاً ، لقدّم على العام الآخر ، لا لانقلاب النسبة بينهما ، بل لكونه كالنصّ فيه فيقدّم على الآخر الظاهر فيه بعمومه كما لا يخفى (١).
وقد عرفت أنّه لابدّ من ملاحظة التخصيص أوّلاً ، لا من جهة أنّه لابدّ من ملاحظة النسبة بين الأدلّة الثلاثة أوّلاً ثمّ ملاحظة العلاج ثانياً ، بل لما عرفت من أنّ علاج التباين أو العموم من وجه إنّما هو بعد فرض حجّية ظهورهما وحكايتهما
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٥٣.