هو القليل وهو المنحصر بفرد واحد ، وكان مورد الاجتماع هو الكثير ، فيكون الخارج بقوله : أكرم العالم غير الشاعر عن قوله : لا تكرم العلماء هو ذلك الواحد ، كان قوله : لا تكرم العلماء مقدّماً على قوله : أكرم الشعراء ، لأنّه لو عكسنا لم يبق تحت العلماء إلاّذلك الفرد النادر ، لكن بقاء ذلك الفرد النادر إنّما هو لو قدّمنا عليه قوله : أكرم الشعراء ، لا أنّ تخصيصه بقوله : أكرم العالم غير الشاعر يكون هو الموجب لذلك كما يظهر من قوله : لو لم يكن الباقي تحته بعد تخصيصه إلاّما لا يجوز أن يجوز عنه التخصيص الخ.
وفي الحقيقة أنّ النظر العرفي يعدّ قوله : لا تكرم العلماء أخصّ مطلقاً من قوله : أكرم الشعراء في الصورة المزبورة ، أعني كون العالم غير الشاعر منحصراً بفرد واحد مثلاً ، فيخرج عمّا نحن فيه من العموم من وجه ، وإن كان المراد بقاء أحد العامين من وجه بلا مورد لو قدّم عليه الآخر بعد أن خرج منه مورد انفراده ولو كان كثيراً ، فهذا متحقّق في كلّ عامين من وجه ابتلي أحدهما بما يدلّ على خروج مورد انفراده عن صاحبه ، ولكن الظاهر أنّ الأوّل هو مراد الكفاية.
والخلاصة : هي أنّ المتعارضين بالعموم من وجه لو وجد ما هو أخصّ من أحدهما ، بأن كان موجباً لإخراج مورد انفراده ، مثل أن يقول : يجب إكرام العلماء ، ويقول : يستحبّ إكرام العدول ، ويقول : يحرم إكرام فسّاق العلماء ، فبين الأوّل والثاني عموم من وجه ، لاجتماعهما في العالم العادل ، وانفراد الأوّل في العالم الفاسق وانفراد الثاني في العادل غير العالم ، والثالث أخصّ من الأوّل وأخرج منه مورد انفراده وهو العالم الفاسق ، فصاحب الكفاية قدسسره (١) يرى أنّه لا تنقلب النسبة بين الأوّلين بعد التخصيص المذكور إلى العموم والخصوص
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٥٢.