مزية في ذلك لبعضهم ولا اختصاص منهم ببعضهم ، والنبي ومن دونه في ذلك سواء ، قال تعالى : ( أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) « آل عمران : ١٩٥ » ، فإطلاق الآية يدل على أن التأثير الطبيعي الذي لأجزاء المجتمع الإسلامي في مجتمعهم مراعى عند الله سبحانه تشريعا كما راعاه تكوينا وأنه تعالى لا يضيعه ، وقال تعالى : ( إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) : « الأعراف : ١٢٨ ».
نعم لرسول الله صلىاللهعليهوآله الدعوة والهداية والتربية ، قال تعالى : ( يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ ) : « الجمعة : ٢ » ، فهو صلىاللهعليهوآله المتعين من عند الله للقيام على شأن الأمة وولاية أمورهم في الدنيا والآخرة وللإمامة لهم ما دام حيا.
لكن الذي يجب أن لا يغفل عنه الباحث أن هذه الطريقة غير طريقة السلطة الملوكية التي تجعل مال الله فيئا لصاحب العرش وعباد الله أرقاء له يفعل بهم ما يشاء ويحكم فيهم ما يريد وليست هي من الطرق الاجتماعية التي وضعت على أساس التمتع المادي من الديمقراطية وغيرها فإن بينها وبين الإسلام فروقا بينة مانعة من التشابه والتماثل.
ومن أعظمها أن هذه المجتمعات لما بنيت على أساس التمتع المادي نفخت في قالبها روح الاستخدام والاستثمار وهو الاستكبار الإنساني الذي يجعل كل شيء تحت إرادة الإنسان وعمله حتى الإنسان بالنسبة إلى الإنسان ، ويبيح له طريق الوصول إليه والتسلط على ما يهواه ويأمله منه لنفسه ، وهذا بعينه هو الاستبداد الملوكي في الأعصار السالفة وقد ظهرت في زي الاجتماع المدني على ما هو نصب أعيننا اليوم من مظالم الملل القوية وإجحافاتهم وتحكماتهم بالنسبة إلى الأمم الضعيفة وعلى ما هو في ذكرنا من أعمالهم المضبوطة في التواريخ.
فقد كان الواحد من الفراعنة والقياصرة والأكاسرة يجري في ضعفاء عهده بتحكمه ولعبه كل ما يريده ويهواه. ويعتذر ـ لو اعتذر ـ إن ذلك من شئون السلطنة ولصلاح المملكة وتحكيم أساس الدولة ، ويعتقد أن ذلك حق نبوغه وسيادته ، ويستدل عليه بسيفه ، كذلك إذا تعمقت في المرابطات السياسية الدائرة بين أقوياء