أقول : قوله : فإنه أبقى لكم « إلخ » ، إشارة إلى ما ورد مستفيضا : أن صلة الرحم تزيد في العمر وقطعها بالعكس من ذلك ، ويمكن أن يستأنس لوجهه بما سيأتي في تفسير قوله تعالى : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ ) الآية : « النساء : ٩ ».
ويمكن أن يكون المراد بكونه أبقى كون الصلة أبقى للحياة من حيث أثرها فإن الصلة تحكم الوحدة السارية بين الأقارب فيتقوى بذلك الإنسان قبال العوامل المخالفة لحياته المضادة لرفاهية عيشه من البلايا والمصائب والأعداء.
وفي تفسير العياشي ، عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : إن أحدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل النار ، فأيما رجل منكم غضب على ذي رحمه ـ فليدن منه فإن الرحم إذا مستها الرحم استقرت ، وإنها متعلقة بالعرش تنقضه انتقاض الحديد فتنادي : اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني ـ وذلك قول الله في كتابه : ( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) ، وأيما رجل غضب وهو قائم ـ فليلزم الأرض من فوره فإنه يذهب رجز الشيطان.
أقول : والرحم كما عرفت هي جهة الوحدة الموجودة بين أشخاص الإنسان من حيث اتصال مادة وجودهم في الولادة من أب وأم أو أحدهما ، وهي جهة حقيقية سائرة بين أولي الأرحام لها آثار حقيقية خلقية وخلقية ، وروحية وجسمية غير قابلة الإنكار وإن كان ربما توجد معها عوامل مخالفة تضعف أثرها أو تبطله بعض الإبطال حتى يلحق بالعدم ولن يبطل من رأس.
وكيف كان فالرحم من أقوى أسباب الالتيام الطبيعي بين أفراد العشيرة ، مستعدة للتأثير أقوى الاستعداد ، ولذلك كان ما ينتجه المعروف بين الأرحام أقوى وأشد مما ينتجه ذلك بين الأجانب ، وكذلك الإساءة في مورد الأقارب أشد أثرا منها في مورد الأجانب.
وبذلك يظهر معنى قوله عليهالسلام : فأيما رجل منكم غضب على ذي رحمه فليدن منه « إلخ » ، فإن الدنو من ذي الرحم رعاية لحكمها وتقوية لجانبها فتتنبه بسببه وتحرك لحكمها ويتجدد أثرها بظهور الرأفة والمحبة.