وهذا ملك صحيح الاعتبار غير أنهم ما كانوا يحسنون تعديل أمره والاستدرار منه ، وقد احترمه الإسلام كما ذكرناه فيما تقدم ، قال تعالى : ( خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) : « البقرة : ٢٩ » فالمجتمع الإنساني وهو المجتمع الإسلامي ومن هو تحت ذمته هو المالك لثروة الأرض بهذا المعنى ثم المجتمع الإسلامي هو المالك لما في يده من الثروة ولذلك لا يرى الإسلام إرث الكافر من المسلم.
ولهذا النظر آثار ونماذج في بعض الملل الحاضرة حيث لا يرون جواز تملك الأجانب شيئا من الأراضي والأموال غير المنقولة من أوطانهم ونحو ذلك.
ولما كان البيت في الروم القديم ذا استقلال وتمام في نفسه كان قد استقر فيه هذه العادة القديمة المستقرة في الطوائف والممالك المستقلة.
وكان قد أنتج استقرار هذه العادة أو السنة في بيوت الروم مع سنتهم في التزويج من منع الازدواج بالمحارم أن القرابة انقسمت عندهم قسمين : أحدهما القرابة الطبيعية وهي الاشتراك في الدم ، وكان لازمها منع الازدواج في المحارم وجوازه في غيرهم ، والثاني القرابة الرسمية وهي القانونية ولازمها الإرث وعدمه والنفقة والولاية وغير ذلك فكان الأبناء أقرباء ذوي قرابة طبيعية ورسمية معا بالنسبة إلى رب البيت ورئيسه وفي ما بينهم ، أنفسهم وكانت النساء جميعا ذوات قرابة طبيعية لا رسمية فكانت المرأة لا ترث والدها ولا ولدها ولا أخاها ولا بعلها ولا غيرهم. هذه سنة الروم القديم.
وأما اليونان فكان وضعهم القديم في تشكل البيوت قريبا من وضع الروم القديم ، وكان الميراث فيهم يرثه أرشد الأولاد الذكور ، ويحرم النساء جميعا من زوجة وبنت وأخت ، ويحرم صغار الأولاد وغيرهم غير أنهم كالروميين ربما كانوا يحتالون لإيراث الصغار من أبنائهم ومن أحبوها وأشفقوا عليها من زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم بحبل متفرقة تسهل الطريق لامتاعهن بشيء من الميراث قليل أو كثير بوصية أو نحوها وسيجيء الكلام في أمر الوصية.
وأما الهند ومصر والصين فكان أمر الميراث في حرمان النساء منه مطلقا