لا يعدهم العرب أبناء للإنسان ، وأما قول رسول الله صلىاللهعليهوآله للحسنين : ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا وغير ذلك فهذا الإطلاق إطلاق تشريفي ، وأنشد في ذلك قول القائل :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا |
|
بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
ونظيره قول الآخر :
وإنما أمهات الناس أوعية |
|
مستودعات وللأنساب آباء |
أقول : وقد اختلط عليه طريق البحث فحسبه بحثا لغويا زعم فيه أن العرب لو وضعت لفظ الابن لما يشمل ابن البنت تغيرت بذلك نتيجة البحث ، وهو غفلة عن أن الآثار والأحكام المترتبة في المجتمعات المختلفة البشرية على الأبوة والبنوة ونحوهما لا تتبع اللغات ، وإنما تتبع نوع بنية المجتمع والسنن الدائرة فيها ، وربما تغيرت هذه الأحكام والآثار بتغيير السنة الاجتماعية في المجتمع مع بقاء اللغة على حالها ، وهذا يكشف عن كون البحث اجتماعيا أو عائدا إليه لا لفظيا لغويا.
وأما ما أنشد من الشعر فليس يسوى الشعر في سوق الحقائق شيئا ـ وليس إلا زخرفة خيالية وتزويقا وهميا ـ حتى يستدل بكل ما تقوله شاعر لاغ ولا سيما فيما يداخله القرآن الذي هو قول فصل وليس بالهزل.
وأما مسألة لحوق الأبناء بآبائهم دون الأجداد من جانب الأمهات فهي على أنها ليست مسألة لفظية لغوية ليست من فروع النسب حتى يستلزم لحوق الابن والبنت بالأب انقطاع نسبهما من جهة الأم ، بل من فروع قيمومة الرجل على البيت من حيث الإنفاق ، وتربية الأولاد ونحوها.
وبالجملة فالأم تنقل رابطة النسب إلى أولادها من ذكور أو إناث كما ينقلها الأب ، ومن آثاره البارزة في الإسلام الميراث وحرمة النكاح ، نعم هناك أحكام ومسائل أخر لها ملاكات خاصة كلحوق الولد والنفقة ومسألة سهم أولي القربى من السادات وكل تتبع ملاكها الخاص بها.
(بحث علمي آخر)
النكاح والازدواج من السنن الاجتماعية التي لم تزل دائرة في المجتمعات الإنسانية