غيرهن ، ولا الأنثى منه أبا ولا أخا ولا ابنا بحسب الداعية الشهوية فالتاريخ والنقل يثبت نكاح الأمهات والأخوات والبنات وغيرهن في الأمم العظيمة الراقية والمنحطة ، والأخبار تحقق الزنا الفاشي في الملل المتمدنة اليوم بين الإخوة والأخوات ، والآباء والبنات وغيرهن فطاغية الشهوة لا يقوم لها شيء ، وما كان بين هذه الأمم من اجتناب نكاح الأمهات والأخوات والبنات وما يلحق بهن فإنما هو سنة موروثة ربما انتهت إلى بعض الآداب والرسوم القومية.
وإنك إذا قايست القوانين المشرعة في الإسلام لتنظيم أمر الازدواج بسائر القوانين والسنن الدائرة في الدنيا وتأملت فيها منصفا وجدتها أدق وأضمن لجميع شئون الاحتياط في حفظ الأنساب وسائر المصالح الإنسانية الفطرية ، وجميع ما شرعه من الأحكام في أمر النكاح وما يلحق به يرجع إلى حفظ الأنساب وسد سبيل الزنا.
فالذي روعي فيه مصلحة حفظ الأنساب من غير واسطة هو تحريم نكاح المحصنات من النساء ، وبذلك يتم إلغاء ازدواج المرأة بأكثر من زوج واحد في زمان واحد فإن فيه فساد الأنساب كما أنه هو الملاك في وضع عدة الطلاق بتربص المرأة بنفسها ثلاثة قروء تحرزا من اختلاط المياه.
وأما سائر أصناف النساء المحرم نكاحها وهي أربعة عشر صنفا المعدودة في آيات التحريم فإن الملاك في تحريم نكاحهن سد باب الزنا فإن الإنسان ـ وهو في المجتمع المنزلي ـ أكثر ما يعاشر ويختلط ويسترسل ويديم في المصاحبة إنما هو مع هذه الأصناف الأربعة عشر ، ودوام المصاحبة ومساس الاسترسال يوجب كمال توجه النفس وركوز الفكر فيهن بما يهدي إلى تنبه الميول والعواطف الحيوانية وهيجان دواعي الشهوة ، وبعثها الإنسان إلى ما يستلذه طبعه ، وتتوق له نفسه ، ومن يحم حول الحمى أوشك أن يقع فيه.
فكان من الواجب أن لا يقتصر على مجرد تحريم الزنا في هذه الموارد فإن دوام المصاحبة ، وتكرر هجوم الوساوس النفسانية وورود الهم بعد الهم لا يدع للإنسان مجال التحفظ على نهي واحد من الزنا.
بل كان يجب أن تحرم هؤلاء تحريما مؤبدا ، وتقع عليه التربية الدينية حتى