ثَمَناً قَلِيلاً ـ أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ) الآية ، والغلول قال الله : ( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ) ، ومنع الزكاة المفروضة لأن الله يقول : ( يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ ـ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ) الآية ، وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأن الله يقول : ( وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) ، وشرب الخمر لأن الله عدل بها عبادة الأوثان ، وترك الصلاة متعمدا وشيئا مما فرض الله تعالى ـ لأن رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من ترك الصلاة متعمدا فقد برىء من ذمة الله وذمة رسوله ، ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله يقول : ( أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ).
قال : فخرج عمرو بن عبيد له صراخ من بكائه وهو يقول : هلك من قال برأيه ، ونازعكم في الفضل والعلم.
أقول : وقد روي من طرق أهل السنة ما يقرب منه عن ابن عباس ، ويتبين بالرواية أمران.
الأول : أن الكبيرة من المعاصي ما اشتد النهي عنها إما بالإصرار والبلوغ في النهي أو بالإيعاد بالنار ، من الكتاب أو السنة كما يظهر من موارد استدلاله عليهالسلام ، ومنه يظهر معنى ما مر في ( حديث الكافي ، : أن الكبيرة ما أوجب الله عليها النار ) ، وما مر في ( حديث الفقيه ، وتفسير العياشي ، : أن الكبيرة ما أوعد الله عليها النار ) ، فالمراد بإيجابها وإيعادها أعم من التصريح والتلويح في كلام الله أو حديث النبي صلىاللهعليهوآله.
وأظن أن ما نقل في ذلك عن ابن عباس أيضا كذلك فمراده بالإيعاد بالنار أعم من التصريح والتلويح في قرآن أو حديث ، ويشهد بذلك ما في ( تفسير الطبري ، عن ابن عباس قال : الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب ) ، ويتبين بذلك أن ما نقل عنه أيضا في ( تفسير الطبري ، وغيره : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة ) ليس خلافا في معنى الكبيرة وإنما هو تكبير للمعاصي جميعا بقياس حقارة الإنسان إلى عظمة ربه كما مر.
والثاني : أن حصر المعاصي الكبيرة في بعض ما تقدم وما يأتي من الروايات ، أو في ثمانية ، أو في تسع كما في بعض الروايات النبوية المروية من طرق السنة ، أو في عشرين كما في هذه الرواية أو في سبعين كما في روايات أخرى كل ذلك باعتبار اختلاف