بعمل اختياري كالطلب ونحوه لكنهم ذكروا أن الأصل في معنى الكسب هو الجمع ، وربما جاز أن يقال : اكتسب فلان بجماله الشهرة ونحو ذلك ، وفسر الاكتساب في الآية بذلك بعض المفسرين ، وليس من البعيد أن يكون الاكتساب في الآية مستعملا فيما ذكر من المعنى على سبيل التشبيه والاستعارة.
وأما كون المراد من الاكتساب في الآية ما يتحراه الإنسان بعمله ، ويكون المعنى : للرجال نصيب مما استفادوه لأنفسهم من المال بعملهم وكذا النساء ويكون النهي عن التمني نهيا عن تمني ما بيد الناس من المال الذي استفادوه بصنعة أو حرفة فهو وإن كان معنى صحيحا في نفسه لكنه يوجب تضييق دائرة معنى الآية ، وانقطاع رابطتها مع ما تقدم من آيات الإرث والنكاح.
وكيف كان فمعنى الآية على ما تقدم من المعنى : ولا تتمنوا الفضل والمزية المالي وغير المالي الذي خص الله تعالى به أحد القبيلين من الرجال والنساء ففضل به بعضكم على بعض فإن ذلك الفضل أمر خص به من خص به لأنه أحرزه بنفسيته في المجتمع الإنساني أو بعمل يده بتجارة ونحوها ، وله منه نصيب ، وإنما ينال كل نصيبه مما اكتسبه.
قوله تعالى : « وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ » ، الإنعام على الغير بشيء مما عند المنعم لما كان غالبا بما هو زائد لا حاجة للمنعم إليه سمي فضلا ، ولما صرف الله تعالى وجوه الناس عن العناية بما أوتي أرباب الفضل من الفضل والرغبة فيه ، وكان حب المزايا الحيوية بل التفرد بها والتقدم فيها والاستعلاء من فطريات الإنسان لا يسلب عنه حينا صرفهم تعالى إلى نفسه ، ووجه وجوههم نحو فضله ، وأمرهم أن يعرضوا عما في أيدي الناس ، ويقبلوا إلى جنابه ، ويسألوا من فضله فإن الفضل بيد الله ، وهو الذي أعطى كل ذي فضل فضله فله أن يعطيكم ما تزيدون به وتفضلون بذلك على غيركم ممن ترغبون فيما عنده ، وتتمنون ما أعطيه.
وقد أبهم هذا الفضل الذي يجب أن يسأل منه بدخول لفظة « مِنْ » عليه ، وفيه من الفائدة أولا التعليم بأدب الدعاء والمسألة من جنابه تعالى فإن الأليق بالإنسان المبني على الجهل بما ينفعه ويضره بحسب الواقع إذا سأل ربه العالم بحقيقة ما ينفع خلقه وما يضرهم ، القادر على كل شيء أن يسأله الخير فيما تتوق نفسه إليه ، ولا يطنب في تشخيص ما يسأله منه وتعيين الطريق إلى وصوله ، فكثيرا ما رأينا من كانت تتوق نفسه إلى حاجة من الحوائج الخاصة كمال أو ولد أو جاه ومنزلة أو صحة وعافية وكان