المعنى من الآيات.
وكذا من الممكن بل الواقع أن يجعل شرعا نظير هذه الحجية الظاهرية المذكورة كفرض طاعة أمراء السرايا الذين كان ينصبهم عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكذا الحكام الذين كان يوليهم على البلاد كمكة واليمن أو يخلفهم بالمدينة إذا خرج إلى غزاة ، وكحجية قول المجتهد على مقلده وهكذا لكنه لا يوجب تقيد الآية فكون مسألة من المسائل صحيحة في نفسه أمر وكونها مدلولا عليها بظاهر آية قرآنية أمر آخر.
فالآية تدل على افتراض طاعة أولي الأمر هؤلاء ، ولم تقيده بقيد ولا شرط ، وليس في الآيات القرآنية ما يقيد الآية في مدلولها حتى يعود معنى قوله « وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » إلى مثل قولنا : وأطيعوا أولي الأمر منكم فيما لم يأمروا بمعصية أو لم تعلموا بخطئهم فإن أمروكم بمعصية فلا طاعة عليكم ، وإن علمتم خطأهم فقوموهم بالرد إلى الكتاب والسنة فما هذا معنى قوله : ( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ).
مع أن الله سبحانه أبان ما هو أوضح من هذا القيد فيما هو دون هذه الطاعة المفترضة كقوله في الوالدين : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ) الآية : « العنكبوت : ٨ » فما باله لم يظهر شيئا من هذه القيود في آية تشتمل على أس أساس الدين ، وإليها تنتهي عامة أعراق السعادة الإنسانية.
على أن الآية جمع فيها بين الرسول وأولي الأمر ، وذكر لهما معا طاعة واحدة فقال : ( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) ، ولا يجوز على الرسول أن يأمر بمعصية أو يغلط في حكم فلو جاز شيء من ذلك على أولي الأمر لم يسع إلا أن يذكر القيد الوارد عليهم فلا مناص من أخذ الآية مطلقة من غير أي تقييد ، ولازمه اعتبار العصمة في جانب أولي الأمر كما اعتبر في جانب رسول الله صلىاللهعليهوآله من غير فرق.
ثم إن المراد بالأمر في أولي الأمر هو الشأن الراجع إلى دين المؤمنين المخاطبين بهذا الخطاب أو دنياهم على ما يؤيده قوله تعالى : ( وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) : « آل عمران : ١٥٩ » ، وقوله في مدح المتقين : ( وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ) : « الشورى : ٣٨ » ، وإن كان من الجائز بوجه أن يراد بالأمر ما يقابل النهي لكنه بعيد.
وقد قيد بقوله : « مِنْكُمْ » وظاهره كونه ظرفا مستقرا أي أولي الأمر كائنين