يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) : « التغابن : ١١ ».
وبالجملة العفو والمغفرة من قبيل إزالة المانع ورفع المنافي المضاد ، وقد عد الله سبحانه الإيمان والدار الآخرة حياة ، وآثار الإيمان وأفعال أهل الآخرة وسيرهم الحيوي نورا كما قال : « ( أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ) : « الأنعام : ١٢٢ » ، وقال تعالى : ( وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ ) : « العنكبوت : ٦٤ » ، فالشرك موت والمعاصي ظلمات ، قال تعالى : ( أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ، ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ ) : « النور : ٤٠ » ، فالمغفرة إزالة الموت والظلمة وإنما تكون بحياة وهو الإيمان ، ونور وهو الرحمة الإلهية.
فالكافر لا حياة له ولا نور ، والمؤمن المغفور له له حياة ونور ، والمؤمن إذا كان معه سيئات حي لم يتم له نوره وإنما يتم بالمغفرة ، قال تعالى : ( نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا ) : « التحريم ـ ٨ ».
فظهر من جميع ما تقدم أن مصداق العفو والمغفرة إذا نسب إليه تعالى في الأمور التكوينية كان إزالة المانع بإيراد سبب يدفعه ، وفي الأمور التشريعية إزالة السبب المانع عن الإرفاق ونحوه ، وفي مورد السعادة والشقاوة إزالة المانع عن السعادة.
* * *
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ـ ١٥٦. وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ـ ١٥٧. وَلَئِنْ مُتُّمْ