السلطة ونهاية القدرة ، وكونه تعالى على صراط مستقيم هو كون سنته في الخليقة واحدة ثابتة غير متغيرة وهو تدبير الأمور على منهاج العدل والحكمة فهو يحق الحق ويبطل الباطل إذا تعارضا.
فالمعنى أني توكلت على الله ربي وربكم في نجاة حجتي التي ألقيتها إليكم وهو التبرز بالبراءة من آلهتكم وأنكم وآلهتكم لا تضرونني شيئا فإنه المالك ذو السلطنة علي وعليكم وعلى كل دابة ، وسنته العادلة ثابتة غير متغيرة فسوف ينصر دينه ويحفظني من شركم.
ولم يقل : « إن ربي وربكم على صراط مستقيم » على وزان قوله : « عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ » فإنه في مقام الدعاء لنفسه على قومه يتوقع أن يحفظه الله من شرهم ، وهو يأخذه تعالى ربا بخلاف القوم فكان الأنسب أن يعده ربا لنفسه ويستمسك برابطة العبودية التي بينه وبين ربه حتى ينجح طلبته ، وهذا بخلاف مقام قوله : « تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ » فإنه يريد هناك بيان عموم السلطة والإحاطة.
قوله تعالى : « فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ » وهذه الجملة من كلامه عليهالسلام ناظر إلى قولهم في آخر جدالهم : « إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ » الدال على أنهم قاطعون على أن لا يؤمنوا به ودائمون على الجحد ، والمعنى إن تتولوا وتعرضوا عن الإيمان بي والإطاعة لأمري فقد أبلغتكم رسالة ربي وتمت عليكم الحجة ولزمتكم البلية.
قوله تعالى : « وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ » هذا وعيد وإخبار بالتبعة التي يستتبعها إجرامهم ، فإنه كان وعدهم إن يستغفروا الله ويتوبوا إليه أن يرسل السماء عليهم مدرارا ويزيد قوة إلى قوتهم ، ونهاهم أن يتولوا مجرمين ففيه العذاب الشديد.
وقوله : « وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ » أي يجعل قوما غيركم خلفاء في الأرض مكانكم فإن الإنسان خليفة منه في الأرض كما قال تعالى : « إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً » البقرة : ـ ٣٠ ، وقد كان عليهالسلام بين لهم أنهم خلفاء في الأرض من بعد قوم نوح كما قال تعالى حكاية عن قوله لقومه : « وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ