نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً » الآية ، الأعراف : ـ ٦٩.
وظاهر السياق أن الجملة الخبرية معطوفة على أخرى مقدرة ، والتقدير : وسيذهب بكم ربي ويستخلف قوما غيركم على حد قوله : « إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ » الأنعام : ـ ١٣٣.
وقوله : « وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً » ظاهر السياق أنه تتمة لما قبله أي لا تقدرون على إضراره بشيء من الفوت وغيره إن أراد أن يهلككم ولا أن تعذيبكم وإهلاككم يفوت منه شيئا مما يريده فإن ربي على كل شيء حفيظ لا يعزب عن علمه عازب ولا يفوت من قدرته فائت ، وللمفسرين في الآية وجوه أخر بعيدة عن الصواب أعرضنا عنها.
قوله تعالى : « وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ » المراد بمجيء الأمر نزول العذاب وبوجه أدق صدور الأمر الإلهي الذي يستتبع القضاء الفاصل بين الرسول وبين قومه كما قال تعالى : « وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ » المؤمن : ـ ٧٨.
وقوله : « بِرَحْمَةٍ مِنَّا » الظاهر أن المراد بها الرحمة الخاصة بالمؤمنين المستوجبة نصرهم في دينهم وإنجاءهم من شمول الغضب الإلهي وعذاب الاستئصال ، قال تعالى : « إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ » المؤمن : ـ ٥١.
وقوله : « وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ » ظاهر السياق أنه العذاب الذي شمل الكفار من القوم فيكون من قبيل عطف التفسير بالنسبة إلى ما قبله ، وقيل : المراد به عذاب الآخرة وليس بشيء.
قوله تعالى : « وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ » الآية وما بعدها تلخيص بعد تلخيص لقصة عاد فأول التلخيصين قوله : « وَتِلْكَ عادٌ ـ إلى قوله ـ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ » يذكر فيه أنهم جحدوا بآيات ربهم من الحكمة والموعظة والآية المعجزة التي أبانت لهم طريق الرشد وميزت لهم الحق من الباطل فجحدوا بها بعد ما جاءهم من العلم.