ما للاجتماع من الحياة الراقية أو المنحطة الردية ، ويستحفظ بها مصالحهم العالية الاجتماعية.
ومن المعلوم أن احترام السنن والقوانين يسلب الحرية عن المجتمعين في مواردها فالذي يستن سنة أو يقنن قانونا سواء كان هو عامة المجتمعين أو المندوبين منهم أو السلطان أو كان هو الله ورسوله ـ على حسب اختلاف السنن والقوانين ـ يحرم الناس بعض حريتهم ليحفظ به البعض الآخر منها ، قال الله تعالى : « وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ » القصص : ـ ٦٨ ، وقال تعالى : « وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً » الأحزاب : ـ ٣٦.
فتلخص أن الإنسان إنما هو حر بالقياس إلى أبناء نوعه فيما يقترحونه لهوى من أنفسهم ، وأما بالنسبة إلى ما تقتضيه مصالحه الملزمة وخاصة المصالح الاجتماعية العامة على ما تهديه إليها وإلى مقتضياتها العلل والأسباب فلا حرية له البتة ، ولا أن الدعوة إلى سنة أو أي عمل يوافق المصالح الإنسانية من ناحية القانون أو من بيده إجراؤه أو الناصح المتبرع الذي يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر متمسكا بحجة بينة ، من التحكم الباطل وسلب الحرية المشروعة في شيء.
ثم إن العلل والأسباب المذكورة وما تهدي إليه من المصالح مصاديق لإرادة الله سبحانه أو إذنه ـ على ما يهدي إليه ويبينه تعليم التوحيد في الإسلام ـ فهو سبحانه المالك على الإطلاق ، وليس لغيره إلا المملوكية من كل جهة ، ولا للإنسان إلا العبودية محضا فمالكيته المطلقة تسلب أي حرية متوهمة للإنسان بالنسبة إلى ربه كما أنها هي تعطيه الحرية بالقياس إلى سائر بني نوعه كما قال تعالى : « أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ » آل عمران : ـ ٦٤.
فهو سبحانه الحاكم على الإطلاق والمطاع من غير قيد وشرط كما قال : « إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ » وقد أعطى حق الأمر والنهي والطاعة لرسله ولأولي الأمر وللمؤمنين من الأمة الإسلامية فلا حرية لأحد قبال كلمة الحق التي يأتون به ويدعون إليه ، قال تعالى : « أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » النساء : ـ ٥٩ ، وقال