تعالى : « وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ » التوبة : ـ ٧١.
قوله تعالى : « وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ » الجرم بالفتح فالسكون ـ على ما ذكره الراغب ـ قطع الثمرة عن الشجر وقد أستعير لكل اكتساب مكروه ، والشقاق المخالفة والمعاداة. والمعنى : احذروا أن يكتسب لكم مخالفتي ومعاداتي بسبب ما أدعوكم إليه أصابه مصيبة مثل مصيبة قوم نوح وهي الغرق أو قوم هود وهي الريح العقيم أو قوم صالح وهي الصيحة والرجفة.
وقوله : « وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ » أي لا فصل كثيرا بين زمانهم وزمانكم وقد كانت الفاصلة الزمانية بين القومين أقل من ثلاثة قرون ، وقد كان لوط معاصرا لإبراهيم عليهالسلام وشعيب معاصرا لموسى عليهالسلام.
وقيل : المراد به نفي البعد المكاني ، والإشارة إلى أن بلادهم الخربة قريبة منكم لقرب مدين من سدوم وهو بالأرض المقدسة ، فالمعنى : وما مكان قوم لوط منكم ببعيد تشاهدون مدائنهم المخسوفة وآثارهم الباقية الظاهرة. والسياق لا يساعد عليه والتقدير خلاف الأصل لا يصار إليه إلا بدليل.
قوله تعالى : « وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ » قد تقدم الكلام في معنى قوله : « وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ » أي استغفروا الله من ذنوبكم وارجعوا إليه بالإيمان به وبرسوله إن الله ذو رحمة ومودة يرحم المستغفرين التائبين ويحبهم.
وقد قال أولا : « اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ » فأضاف الرب إليهم ثم قال في مقام تعليله : « إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ » ولعل الوجه فيه أنه ذكر في مرحلة الأمر بالاستغفار والتوبة من الله سبحانه صفة ربوبيته لأنها الصفة التي ترتبط بها العبادة ومنها الاستغفار والتوبة ، وأضاف ربوبيته إليهم بقوله : « رَبَّكُمْ » لتأكيد الارتباط وللإشعار بأنه هو ربهم لا ما يتخذونها من الأرباب من دون الله.
وكان من حق الكلام أن يقول في تعليله : إن ربكم رحيم ودود لكنه لما كان مع كونه تعليلا ثناء على الله سبحانه ، وقد أثبت سابقا أنه رب القوم إضافة ثانيا