إلى نفسه ليفيد الكلام بمجموعه معنى أن ربكم وربي رحيم ودود.
على أن في هذه الإضافة معنى المعرفة والخبرة فتفيد تأييدا لصحة القول فإنه في معنى أنه تعالى رحيم ودود وكيف لا؟ وهو ربي أعرفه بهذين الوصفين.
والودود من أسماء الله تعالى ، وهو فعول من الود بمعنى الحب إلا أن المستفاد من موارد استعماله أنه نوع خاص من المحبة وهو الحب الذي له آثار وتبعات ظاهرة كالألفة والمراودة والإحسان ، قال تعالى : « وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً » الروم : ـ ٢١.
والله سبحانه يحب عباده ويظهر آثار حبه بإفاضة نعمه عليهم « وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها » إبراهيم : ـ ٣٤ فهو تعالى ودود لهم.
قوله تعالى : « قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً » إلى آخر الآية ، الفقه أبلغ من الفهم وأقوى ، ورهط الرجل عشيرته وقومه ، وقيل : إنه من الثلاثة إلى السبعة أو العشرة وعلى هذا ففي قولهم : رهطك ، إشارة إلى قلتهم وهوان أمرهم ، والرجم هو الرمي بالحجارة.
لما حاجهم شعيب عليهالسلام وأعياهم بحجته لم يجدوا سبيلا دون أن يقطعوا عليه كلامه من غير طريق الحجة فذكروا له :
أولا : أن كثيرا مما يقوله غير مفهوم لهم فيذهب كلامه لغي لا أثر له ، وهذا كناية عن أنه يتكلم بما لا فائدة فيه.
ثم عقبوه بقولهم : « وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً » أي لا نفهم ما تقول ولست قويا فينا حتى تضطرنا قوتك على الاجتهاد في فهم كلامك والاهتمام بأخذه ، والسمع والقبول له فإنا لا نراك فينا إلا ضعيفا لا يعبأ بأمره ولا يلتفت إلى قوله.
ثم هددوه بقولهم : « وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ » أي ولو لا هذا النفر القليل الذين هم عشيرتك لرجمناك لكنا نراعي جانبهم فيك ، وفي تقليل العشيرة إيماء إلى أنهم لو أرادوا قتله يوما قتلوه من غير أن يبالوا بعشيرته ، وإنما كفهم عن قتله نوع احترام وتكريم منهم لعشيرته.
ثم عقبوه بقولهم : « وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ » تأكيدا لقولهم : « لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ » أي لست بقوي منيع جانبا علينا حتى يمنعنا ذلك من قتلك بشر القتل ،