وكل ما إِذا ورد على البدن عمل اوَّلاً فيه ، ثم عمل فيه البدن وأحاله كالبصل ، والثوم ، والخس ، والخشخاش : فهو غذاء دوائي .
وكل ما اذا ورد على البدن فَسَخَّنَه أو بَرَّدهُ أو رَطَّبَهُ أو جَفَّفَه : فهو دواء .
وهذه المأكولات والمشروبات : إِما ان تعمل في البدن عملاً خَفِيَّاً ، واما ان تعمل عملاً أبْيَن من ذلك قليلاً . واما ان تعمل عملاً بَيِّناً ظاهراً ، واما ان تعمل عملاً بليغاً قوياً .
فكل ما عمل منها عملاً خَفِيَّاً : فهو في الدرجة الأُولى من التسخين ، أو التبريد ، أو التجفيف ، أو الترطيب بحسب ما عمله ذلك في البدن . والذي يكون عمله بين من الخفي قليلاً : هو في الدرجة الثانية فيها .
والذي يكون عمله ظاهراً بيناً : فهو في الدرجة الثالثة .
والذي يكون عمله بليغاً قوياً : فإِنه يكون في الدرجة الرابعة .
والشيء الحار الرطب : لا تتجاوز حرارته بالدرجة الأُولى ؛ لأن الحرارة إِذا زادت على ذلك المقدار : أفنَت الرطوبة .
فلذلك لا يوجد دواء هو حار في الدرجة الثانية ، أو الثالثة ، إِلا انه وُجِدَ يابس .
وكل ما حار في الدرجة الرابعة ؛ فإِنه ما بين في تلك الدرجة تبينها وادراك الدواء المفرد الكيفية عسر جداً ؛ كما ان ادراك المزاج المفرد الكيفية عسر ، بل بالإضافة ينسب إِلى الأغلب عليه كلاهما (١) .
______________________
(١) الكفاية في الطب : ص ٩٠ و ٩١ .