وعمّن سمعته ، أبوك أخبرك بذلك وعنه أخذته؟!
فقال قيس : سمعته وأخذته ممن هو خير من أبي ، وأعظم عليَّ حقاً من أبي.
قال : مَن؟
قال : علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ عالم هذه الامة وصدّيقها الّذي أنزل الله فيه : (قُل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومَن عنده علم الكتاب) (١) فلم يدع آية نزلت في عليّ إلّا ذكرها.
__________________
(١) سورة الرعد : الاية ٤٣.
فقد روى الجمهور أنها نزلت في أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وهو الذي عنده علم الكتاب ، وممن روى ذلك :
الثعلبي في تفسيره ، من طريقين ، احدهما : عن عبد الله بن سلام ، أنه قال : إنما ذلك علي بن أبي طالب ، كما في ينابيع المودة ص ١٠٢ ، وابن المغازلي.
والثاني : عن أبي سعيد الخدري ، كما في الإتقان للسيوطي ج ١ ص ١٣ ، وينابيع المودة ص ١٠٣ ، رواه بطرق.
وقيل. إنها نزلت في عبد الله بن سلام ورفيقيه ، ومضافا إلى رد ابن سلام على هذا القائل ، فقد أجاب الشعبي كما في تفسير الخازن ج ٣ ص ٦٩ ، وسعيد بن جبير ، بأن السورة مكية ، فلا يجوز أن يراد منها ابن سلام وإصحابه ، لأنهم آمنوا في المدينة راجع : تفسير الطبري ج ١٢ ص ١١٧ ، والدر المنثور ج ٤ ص ٦٨٦ ، والاتقان ج ١ ص ١٣.
وأجاب أيضاً عدة من الأعلام ، كالفخر الرازي ، بأن إثبات النبوة بقول الواحد والاثنين مع جواز الكذب على أمثالهم لكونهم غيرمعصومين ، لايجوز ، فلا معنى لتفسيرها بابن سلام وأصحابه. راجع (تفسير الرازي ج ١٩ ص ٦٩ ـ ٧٠).
وجاء في ينابيع المودة ص ١٠٤ ـ ١٠٥ : وقال بعض المحققين في هذه الاية الشريفة : ولما فتح الله الله الواب السعادة الكبرى والهداية العظمى برسالة حبيبه على العرب وقريش وخصوصا على بني هاشم بقوله تعالى : (وأنذر عشيرتك الأقربين) سورة الشعراء : الاية ٢١٤ ورهطك المخلصين اقتضى العقل أن يكون العالم بجميع أسرار كتاب الله لابد أن يكون رجلا من بني هاشم بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لأنه أقرب له من سائر قريش وأن يكون إسلامه