تفضل علينا المحقق الكبير آية اللّه الشيخ محمد الغروي دامت تأييداته بهذه الكلمة القيمة بمناسبة صدور كتابنا هذا ، فجزاه اللّه خير الجزاء وشكر اللّه سعيه الدؤوب لإحياءه مآثر أهل البيت عليهم السّلام الخالدة :
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ، والصلاة والسّلام على محمد رسول اللّه وآله آل اللّه. واللعن الدائم على أعدائهم أعداء اللّه إلى يوم لقاء اللّه.
أمامك عزيزي القارىء الكريم كتاب كريم لو وزن بأوزان ثقيلة لرجح عليها ، ألا وهو : (مناظرات في الإمامة) محاورات فكريّة حرّة في حديث الإمامة من صدر الإسلام إلى يومنا هذا.
بهذا الاسم المبارك أسماه مؤلّفه ومحقّقه أحد حسنات العصر الشيخ عبد اللّه الحسن ، وإذ أبارك له هذه الحسنة الجارية أشعر أنّها نور في الدرب لمن حضر ، وللأجيال القادمة عبر العصور.
قد يقال : ليس من الجميل المناظرة في الإمامة بعد أن أصبحت في ذمّة التأريخ ، ومسألة تاريخية بحتة ، فترى مؤلّف كتاب (فجر الإسلام) في مقدمة (تاريخ القرآن) لأبي عبد اللّه الزنجاني يناقش ، ويرشد إلى حلّ له ، أو لغيره ممّن تسمعه.
يقول في المقدمة مقرّضا ، مناقشا : (... ويعجب المؤرخ أن يرى النزاع يبلغ هذا المبلغ بين فئتين يجمعهما الإعتقاد بأن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمدا رسول اللّه ، وأن المؤمنين إخوة ، ولئن ساغ في العقل أن يقتتلوا أيّام كان هناك نزاع ، فعلى الخلافة من هو أحق [بها] منها ومن يتولاّها ، فليس يسوغ بحال من الأحوال أن يقتتلوا على خلاف أصبح في ذمة التأريخ ، لا يستطيع القتال والنزاع أن يعيده إلى الوجود ، بل أن أصبحت الخلافة نفسها مسألة تاريخية بحتة ، وليس للمسلمين خليفة فعليّ يضم كلمتهم ويجمع شتاتهم ، وأصبح الخلاف خلافا في التاريخ وخلافا في الإجتهاد ، ولو لا ألاعيب السياسة واستغفال الماكرين لعقول العامة ، واحتفاظ أرباب الشهوات والمطامع تجاههم وسلطانهم لا نمحى الخلاف بين الشيعي والسنّي ، ولأصبحوا بنعمة اللّه إخوانا ولتعاونوا على جلب المصالح ودرء المفاسد لجميعهم ، ولنظر بعضهم إلى بعض كما ينظر حنفي إلى مالكي ومالكي إلى شافعي.
وأظنّ أنّ الوقت قد حان لأن يفكّر عقلاء الطائفتين في سبيل الوئام ويعملوا على إحياء عوامل الألفة ، وإماتة الخصام ، ويتركوا للعلماء البحث حرّا في التأريخ ،