أن الرأي طريق الدين ، وأنت مقربان الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين؟
فسكت الشامي كالمفكر.
فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : مالك لا تتكلم؟
قال : إن قلت : إنا ما اختلفنا كابرت.
وإن قلت : إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف ، أبطلت (١) ،
__________________
(١) ولذلك من الوظائف المعتبرة في الأمام بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أن يبين للأمة ما أرسل به النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وما اختلفوا فيه ، لكي يرتفع عنهم الخلاف.
وهذان المعنيان قد نص عليهما النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ ومن تلك النصوص الصريحة التي لا تقبل الشك :
(أ) ما روي عن ابي ذر عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال : (علي باب علمي ، ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به ، حبه ايمان ، وبغضه نفاق ... الحديث).
راجع : كنز العمال ج ١١ ص ٦١٤ ح ٣٢٩٨١ ، فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ص ١٨ ، ط الأزهر ، وص ٤٧ ط الحيدرية ، الغدير للأميني ج ٣ ص ٩٦.
(ب) ما روي عن أنس ، قال : قال ـ صلى الله عليه وآله ـ (يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين ، وخاتم الوصيين).
قال أنس : قلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار وكتمته.
إذ جاء علي فقال : (من هذا يا أنس؟) فقلت : علي ، فقام إليه مستبشرا فاعتنقه ، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه. قال علي : يا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل؟ قال : (وما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي)؟
راجع : حلية الاولياء ج ١ ص ٦٣ ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٨٥ ح ٧٥ ، ترجمة امير المؤمنين من تاريخ دمشق ج ٢ ص ٤٨٧ ح ١٠٠٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٩ ص ١٦٩ ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢١٢ ، ميزان الاعتدال للذهبي ج ١ ص ٦٤.
(ت) ما روي عن انس ايضا أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال لعلي : (أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي).