باختيار الصحابة منذ قبض النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إلى اليوم؟ فإن قلتم : لا ، فقد أوجبتم أن الناس كلهم عملوا ضلالة بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإن قلتم : نعم ، كذبتم الأمة وأبطل قولكم الوجود الذي لا يدفع ، وخبروني : عن قول الله عز وجل : (قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله) (١) ، أصدق هذا أم كذب؟
قالوا : صدق.
قال : أفليس ما سوى الله لله إذ كان محدثه ومالكه؟
قالوا : نعم.
قال : ففي هذا بطلان ما أوجبتم من اختياركم خليفة تفترضون طاعته وتسمونه خليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وأنتم استخلفتموه وهو معزول عنكم إذا غضبتم عليه وعمل بخلاف محبتكم ومقتول إذا أبى الاعتزال ، ويلكم لا تفتروا على الله كذبا ، فتلقوا وبال ذلك غدا إذا قمتم بين يدي الله تعالى ، وإذا وردتم على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقد كذبتم عليه متعمدين ، وقد قال : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (٢) ، ثم استقبل القبلة ورفع يديه ، وقال : اللهم إني قد أرشدتهم ، اللهم إني قد أخرجت ما وجب علي إخراجه من عنقي ، اللهم إني لم أدعهم في ريب ، ولا في شك ، اللهم إني أدين بالتقرب إليك بتقديم علي ـ عليه السلام ـ على الخلق بعد نبيك محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما أمرنا به رسولك ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : ثم افترقنا فلم نجتمع بعد ذلك حتى قبض المأمون (٣).
__________________
(١) سورة الأنعام : الاية ١٢.
(٢) تقدمت تخريجاته.
(٣) عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ للشيخ الصدوق (ره) ج ٢ ص ١٨٣.