معني بها ، ولم يجب العدول إلى غيره والاعتراف بإمامته لوجود الاختلاف في ذلك ، وعدم الاتفاق وما يقوم مقامه في البرهان.
وأما السنة : فإنا وجدنا النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ استقضى عليا ـ عليه السلام ـ على اليمن ، وأمره على الجيوش ، وولاه الأموال ، وأمره بأدائها إلى بني جذيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد ظلما ، واختاره ـ عليه السلام ـ لأداء رسالات الله عز وجل والأبلاغ عنه في سورة البراءة (١) ، واستخلفه عند غيبته على من خلف ، ولم نجد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ سن هذه السنن في غيره ولا اجتمعت هذه السنن في أحد بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما اجتمعت في علي ـ عليه السلام ـ ، وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بعد موته واجبة كوجوبها في حياته.
وإنما تحتاج الأمة إلى الأمام لهذه الخصال التي ذكرناها فإذا وجدناها في رجل قد سنها الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فيه كان أولى بالأمامة ممن لم يسن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فيه شيئا من ذلك.
وأما الأجماع : فإن إمامته تثبت من جهته من وجوه :
منها : أنهم قد أجمعوا جميعا على أن عليا ـ عليه السلام ـ قد كان إماما ولو يوما واحدا ، ولم يختلف في ذلك أصناف أهل الملة ثم اختلفوا.
فقالت طائفة : كان إماما في وقت كذا دون وقت كذا ، وقالت طائفة : كان إماما بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في جميع أوقاته ، ولم تجتمع الإمة على غيره أنه كان أماما في الحقيقة عين ، والإجماع أحق
__________________
(١) تقدمت تخريجاته.