قذف عائشة ، وأنه ما قدر أن يتم الخطبة ، أتعرف هذا جميعه في صحيحي مسلم والبخاري؟
فقال : هذا صحيح.
فقلت : وقال الله جل جلاله في إيثارهم عليه القليل من الدنيا : (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) (١) ، وقد عرفت أنهم امتنعوا من مناجاته ومحادثته لأجل التصدق برغيف وما دونه حتى تصدق علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ بعشرة دراهم عن عشر دفعات ناجاه فيها ثم نسخت الاية بعد أن صارت عارا عليهم وفضيحة إلى يوم القيامة بقوله جل جلاله : (ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم) (٢)
__________________
(١) سورة المجادلة : الاية : ١٢.
(٢) سورة المجادلة : الاية ١٣ فقد روى الثعالبي والواحدي وغيرهما من علماء التفسير أن الاغنياء اكثروا مناجاة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وغلبوا الفقراء على المجالسة عنده حتى كره رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ذلك واستطال جلوسهم وكثرت مناجاتهم فانزل الله تعالى : (يا ايها الذين امنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم واطهر فإن الله غفور رحيم).
فأمر بالصدقة امام المناجاة فأما اهل العسرة فلم يجدوا واما الاغنياء فبخلوا ، وخف ذلك على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وخف ذلك الزحام وغلبوا على حبه والرغبة في مناجاته حب الحطام ، واشتد على اصحابه ، فنزلت الاية التي بعدها راشقة لهم بسهام الملام ناسخة بحكمها حيث احجم من كان دأبه الاقدام وقال علي ـ عليه السلام ـ ان في كتاب الله لاية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل احد بها بعدي وهي اية المناجاة ، فإنها نزلت كان لي دينار فبعته بدراهم ، وكنت إذا ناجيت الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ تصدقت حتى فنيت فنسخت بقوله : (ءأشفقتم ان تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) الاية.
راجع : تفسيرا لطبري ج ٢٨ ، ص ١٤ ، اسباب النزول للواحدي ص ٢٣٥ ، خصائص النسائي ص ٣٩ ، احكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٢٨ ، الدر المنثور ج ٦ ص ١٨٥ ، تفسير